طباعة هذه الصفحة

خاطرة

أنشودة النار والنور

د. مغتات فريدة

ها أنا ذي الفاتنة الأسطورة التي عشقها نوفمبر فأعلن حبه لها ذات أول منتصف ليل من لياليه المعزوفة بنار رشاش على كتف قمر عنيد وتحت نور قنديل شهادة.. مكتوب فيه لبيك يا ملهمتي بالنصر. مازلت أذكر حين قال لي سأعتقك من غياهب جب المحتل الظالم، أنت يا أسيرة الأغلال الغريبة سأحررك بحارا وبيادرا وجبالا وسهولا، سأبني لك صرحا من الشموخ والعز على تراب من دم وزيتون وأقحوان. أنا الأسيرة التي مذ حررها نوفمبر أصبحت تعتنق عقيدة النار وتؤمن بحكمة ذاك النور. اليوم أنا حرّة بهية، سمراء ساحرة، ممشوقة القوام، واثقة الخطى أنا..
أترنّح بكل تيه ودلال وبغرور فاتنات الخرائط كلّهن. دوّخت التاريخ فأصبح يستفيق في كل زمن وزمن، يعزفني أنشودة سلام وحرية والحاضر الأخضر معي يخاصرني بمحبة بينما يبقى ذاك العدو المنافق تحاصره هزيمته النكراء ويعتذر للإنسانية محبطا كالأبله. نعم أنا وليدة تلك الرصاصة المدوية في الأوراس، أنا رنات الأجراس المحاربة وسيدة تلك الجبال الشامخة. أنا من لقنت التاريخ والجغرافيا دروسا في الحرية إلى أن أصبحتُ معلمة في مدرسة الثائرين السائرين في دروب على يمينها رصيف نور المحبة وعلى يسارها رصيف نار الحرب وبينهما كلمة

الحق.. والحق لا يحيد ولا يبيد.
لا أزال أذكر كيف قال لي حبيبي وهو يداعب خصلات شعري المنسدل بين تضاريس شمالي وجنوبي تعالي أموت فيك سنوات من الحب والنضال فقد أقسمت أن أحارب لأجلك، اتركيني أكتبك معلّقات انتصار على جدران حدائقي الشاحبة دون وجهك المشرق، دعيني أداويك برشاشي وأستردّك ببندقيتي ولو جريحة باكيّة يا معبودتي ثم أضمد كلومك بقصيد من وريدي وبنشيد أقسم لك فيه بقداستك. سيدتي أنت يا إلياذة نوفمبر كوني نجمة لا تنهار وإذا لامسها العدو لا تحتار ولا تدخل غيبوبة الاحتضار فإني أريدك أنثى ضد الاندثار. حينها قلت له لا تقلق فأنا لبؤة شرسة شجاعة اسمها الجزائر، قصيدة أنا بل معلقة أزلية يكتبها شعب ثائر، هو على عهد نوفمبر سائر ولأجل المجد والعلى ساهر.