طباعة هذه الصفحة

خـــاطرة

استنزاف

غمري حسن نور الإيمان

معترك يستنزف جوفي، جاهلة أنا لسبل إنقاذي، فقد العالم ترياق شفائي، غارقة أنا في هواجسي. . كوابيس تلتهم مخيلتي وكآبة تطغى على واقعي. . . أشهد برهة ضياع أحلامي وكذا مستقبلي. . فكر يأبى نجاتي وقلب يرفض مواساتي. . . تركت وحيدة انفصامي، معشوقة نحيبي وبكائي. . . فهل من منادي!. .
دعك يا ملاكي. . أنا الخليل وأنا الوافي، سرحت أتأمل سلفا أعجز حاضري. . بين الهدوء والصخب أعلنت ملاذي، وبين القوة والضعف تحسست انكساري. . بين تلك وتلك صممت بقائي، بات المنتصف واقعي. . مدركة لتناقضي فكفاك ردعي وتجريحي. . فأنا لم تسطع احتمالي. . رجوتك عذري وتقبل اعتذاري. . فأمسي ينتظر نسياني وتجاوزي. . . ويومي يتشوّق لابتسامتي وغدي يتلهف لحماسي وأنا في البين أتخبط أوجاعي. . .
الفلق يكبت أنيني. . . تسلط هواني وشقائي والصباح يلبسني أقنعتي، إدعائي وتمثيلي. . . أدمنت خمر تصنعي وكحول صمتي. . . آسفة بحق نفسي. . . عاجزة عن ترميمي، تعاطيت سجائر الألم بموافقتي. . . مرهمي تأهيل جسدي، مشاعري ومهجتي. . .
أرى طيف طفولتي وورد نعومتي. . . أشعر بحنين صغري. . . أتحسر على شبابي وتعثر طموحي. . . واقفة على أطلال شتاتي. . . أتمعن صقيع رغبتي. . . ألتمس حزن أناملي وعتمة إلهامي. . .
ها أنا أمسك جيتاري، أعزف لحن وجعي وظلمتي. . . أتفنن في إلقاء مرثياتي ملئت بآهاتي. . . ها أنا أبدع في نحت إرهاق ملامحي. . . رفعت حبري بغية شفائي، قررت خط أحرفي. . . وبين السطور لمحت رفيقي. . . مؤنسي وصديقي، عزمت على اعترافي فإذا بي أتنفس انتمائي، أحقا عثرت على دوائي. . . . أطلقت العنان لجوارحي، أفسحت المجال لمكبوتاتي، سلطت الضوء على فؤادي. . . الذي لطالما انهزم أمام كبريائي. . . تكلم! لك الآن سلطة منطقي ومعتقداتي. . . فإذا بالسيد (القلب) يقف أمامي. . . راجيا تفهمي وإصغائي. . . أفصحت له عن انقيادي. . . تكلم فأنا المستمع الآن والطائع. . . .
بنبرة المعاتب والمتألم. . . قال: كفي عن نبذي وتجاهلي! فدوري طاغ شئت أم أبيت ! انهيارك من انهياري. . . فدعيني أريك ما عجزت مقلتاك عن خلع ستاره. . . دعيني أعالج صم لسانك عن الإفصاح عن الجميل. . . أذكرك لوتناسيت ! صلاحك من صلاحي وسلامتك من سلامتي. . . براءتك من نقائي، طيبتك من صفائي وابتسامتك من تفاؤلي وأملي. . . اعترفي! أنا من منحتك رونق روحك كفاك اتهامي بالقسوة وفبركتي بالبرود. . . فأنا مرهف بالمشاعر. . لا أعرف بينا ولا منتصفا كما أدّعيتي. . . أنا عاشق أوّد وصل محبوبي. . . أنا عاشق وودت ترتيل هواي على مسامع محبوبي. . . فكفاك صدي وإسكاتي. . . .
بصوت خافت حنون همس السيد (القلب): رحّبي معي بالحب، أبرقي يا رقيقة الأحاسيس، أدمعي بالسعادة، أهلي بالمرح، أزيلي غبار اليأس عن ملامحك اللطيفة، أمسكي يدي وتشبثي جميلتي. . أرقصي على أنغام الهيام والولع. . كاليمامة أنتي في سماء البهجة، كالغزالة على سفوح الثقة. . . . أزهري كأوركيدة كانون الثاني. . . كوني جولييت زمانك، فروميو بانتظارك تيقني. . . .
أعزفي لحن دلالك على أوتار قلبه، كعازف كمنجة محترف أطربي مشاعره. . . بفستانك الأحمر أظهري ملأ عينيه. . . . بمقاطع قبانية غازلك. . . بقصائد قيس وعنترة وصفك كالقيصر أذابك دلعا. . . . قبلة على جبينك توردت بها وجنتيك خجلا وإستحياء (إبتسمت لردة فعله) تبدين جميلة صغيرتي!. . عن الحب الأبدي الأمدي العفيف الصادق أحدثك وها أنت كالسحابة تمطر غيثا نافعا أينما حللت.