طباعة هذه الصفحة

يوميات كاتب

سعيد فتاحين

لازلت أذكر ذلك الصباح المُلبد من أول أيام أكتوبر الماضي، وعلى الرصيف المشبع بالأشلاء وبقايا الانفجار؛ حيث تسبب احتجاج بعض الناس على السكن، في تأخر الحافلة الصفراء التي تقلني إلى عملي الصغير في شركة ما. لقد كانت تجلس قبالتي بين الجموع المختلطة من نساء وكهول؛ ترمق طيور النورس المحلقة تارة، وتارة تحاول النظر إلى عيوني، وأنا لا أزيح وجهي كجثة هامدة من كتاب الغثيان» لجون بول سارتر»
 فقد كنت أبدو كأولئك المثقفين الذين يفسدون ديكور الجهل، فالكل كان ممزوج العقل ببعض الأغاني التي تشفي أحلامه الضائعة، كان شعاع شمس أكتوبر يتسلل من بين البنايات بصعوبة، منعكسا على صفحة خدها وهذا ما جعلني أسحب نظراتي السوداء وأراقب شيئاً من وجهها الأصفر كورقة تحتاج إلى الكتابة، للتو كان شخص عجوز يسألني عن المحطة القادمة، ولكنها ابتسمت لكي تجيب عني المحطة القادمة هي عنوان 05.... وتقول الحاج سوف نصل إلى محطة ماريا، حاولت أن تتحدث معي بتلقائية وكأنها تعرفني تماما كنت أود أن تبادلني الحديث عن الكتب، لكن تلأكي حال دون ذلك...  وعادت إلى مبادرة الحديث:
- هل أنت تعمل ...ما طبيعة عملك؟
-أنا... أعمل بائع الكلام
- ماذا هل أنت ناطق رسمي في الدائرة !
- لا.. أعمل في مكتب صغير ككاتب عمومي.
- حسنا هل تود المساعدة؛ فأنا أعمل كرئيسة جمعية خيرية.
- أجبتها بشيء من الهزل...أود أن أكتب على خدك باقي الذكريات، من باب الأعمال الخيرية.
- ماذا.....؟!؟
- آسف إن أزعجتك لكِن عليا أن أكمل قراءة الكتاب؛ فإنني في الفصل الأخير من وجهك... ( وكانت الصفحة الأخيرة تحمل نقطة سوداء كالشامة الصغيرة الموجودة على خدها).