طباعة هذه الصفحة

الدّلالات الرّمزية المؤثرة للغة المرافقة للطفل

الدعوة لقيم الخير تصنع الشخصية وتمنع العنف

جمال أوكيلي

الدلالات الرمزية المؤثرة للغة المستعملة، في التواصل مع الفئات العمرية للأطفال عبر الرسوم المتحركة أو الأفلام الكارتونية تتطلب الإرتكاز على القيم المبنية على الخير لتوضيحها في ذهن كل من هو «مدمن» على مثل هذه «الصور» الخاصة به وفي أوقات محددة تراعي دائما فترة راحة هؤلاء زيادة على منحهم «الحجم الساعي» المخصص لهم.. وهذا ما تحرص عليه بعض القنوات الفضائية إدراكا منها بالخلفيات والتوجهات المتبعة من أجل فرض ذلك «الوفاء» الدائم مع الآخر.
هذه القيم التربوية ليست مفصولة عن تلك المنظومة المجتمعية المشكلة من مرجعيات حياتية تلقن للأطفال من مرحلة نمو إلى أخرى، لتنضج في سقف معين إستنادا إلى كل ما تم الإستفادة منه، في الفترات الإنتقالية، التي تصنف على أساس أنها الخصبة في هضم واستيعاب كل ما يجدونه أمامهم.
يعتبر الخبير في هذا الإختصاص السيد طرقان الذي استضافته «الشعب»، أمس، أنه لا بديل عن قيم الخير عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الأطفال، كونه الباب الذي يفتح عن الأفق الأخرى القائمة على كل ما هو جميل تجاه البراءة.
لابد من الإعتماد على قوة التأثير المباشر حيال الطفل بفضل الإبداع في الشكل والمضمون، الأولى تظهر في الصورة والشارة الغنائية والثانية في الأداة الناقلة، ألا وهي اللغة المفهومة المتوجهة مباشرة إلى المخيال القادر على تقبلها دون أن يحتار في تركيبتها أي مفهومها وحاليا فإن الكثير من الأطفال يحفظون بعض المقاطع عن ظهر قلب لكن يكررون الكلمات بشكل خاطئ ويتمادون في ذلك دون أن يجدوا من يصحح لهم ما ينطقون به كون المدرسة ترفض كل من يأتيها بأشياء خارج المقرر حتى وإن كان حاملا للفعل التربوي.
هذه المفارقة قد تؤثر نسبيا على شخصية الطفل إنطلاقا من شعوره بمحاولة لجم عملية تفتيق عبقريته وتعطيل ملكته والتأثير على صناعة ذاته في التفاعل مع هذا العالم الخاص به، قصد أخذ تلك اللغة الراقية المبحوث عنها من قبل نفسه أولا وعائلته ثانيا والمحيط الذي يرغب أن يكون متعلما وقادرا على مرافقة هذه المتغيرات لكن في الإتجاه الإيجابي الذي يقع على مسؤولية «المرسل» الصانع للأفكار.
وهذا في حد ذاته التحدي المفروض على كل من يشتغل في هذا الحقل الحساس والأرضية الشائكة في البحث عن أفضل الصيغ لبث قيم الخير القابلة لتبنيها وحتى تقمصها من طرف الطفل، وهذا شعور قوي ودافق لدى طارق في العمل دائما على هذا النحو الصعب الشاق والمضني الذي يتطلب إبداعا مهنيا هائلا حتى لا يحيد أي أحد عن هذا العمل المختار بالدقة المتناهية في بقاء الطفل متمسكا بالحاضنة الأولى والأخيرة له، ألا وهي الأسرة، ينمو ويترعرع في وسطها يتحاور معها ويغني لها كل ما تعلمه عن طريق السمعي - البصري.
إن كان الأستاذ طارق يحّن إلى ما أسماه بـ «الظرف التاريخي» خلال الثمانينيات والتسعينيات، نظرا لعدة إعتبارات آنذاك.. ذلك لم يمنعه من المضي قدما بإتجاه تقديم رسالة تربوية وبيداغوجية واضحة المعالم، هدفها تقوية مخيال الطفل وحمله على إكتشاف ما حوله من واقع بصقل موهبته في المستقبل، وهذا ما ينجزه اليوم عبر الصوت والصورة الخالية من كل عنف شعاره المسؤولية التربوية تجاه الآخر.