طباعة هذه الصفحة

الأهم هو استرجاع الأموال وليس سجن المتورطين فقط

الكلفة الاقتصادية للحراك السلمي تناهز مليار دينار في اليوم

فضيلة بودريش

يرجح الخبراء إمكانية استرجاع الأموال المنهوبة ورؤوس الأموال المهربة بالعملة الصعبة نحو الخارج، بالرغم من اعترافهم أن العملية تتطلب سلسلة إجراءات ووقت زمنيا معتبرا، ومما يجعل من عملية استرداد المال العام المحول بطرق ملتوية نحو بنوك أجنبية ممكنة، وجود عدة مراسيم وقوانين تكفل ذلك، خاصة أن الجزائر وقعت على الاتفاقيات الدولية والعربية لمكافحة الفساد، وبالموازاة مع ذلك لم يخف الخبير «عبد الرحمان عية» أنه بالفعل توجد للحراك الشعبي السلمي كلفة اقتصادية، حدد بشكل تقريبي قيمتها المالية.

لا شك أنه ينبغي التوصل إلى حلول تكون عملية من أجل استعادة الأموال المنهوبة والمهربة نحو الخارج، وبهذا الخصوص لم يخف الخبير الاقتصادي عبد الرحمان عية، وجود ترسانة قانونية يعول عليها في دحر الفساد وتقليم أظافر المفسدين من بينها قانون رقم60- 01 الذي تطرق في نصوصه إلى آفة الفساد ومكافحته، بالإضافة إلى مرسوم رئاسي صادر في عام 2004 لمكافحة الفساد، متضمن الاتفاقية الدولية ومرسوم رئاسي صادر في عام 2014 متضمن الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، غير أنه اعترف بصعوبة الحديث عن رقم واضح ومحدد عن الفساد أو التهرب الضريبي، وإنما أوضح وجود رقم صادر عن مصلحة الضرائب يكشف صعوبة التحصيل الضريبي الذي يصل إلى 1200مليار دينار. وذكر الخبير أن جميع المسائل لا تعالج خارج دائرة القضاء، حيث لابد أن تمر عبر القضاء حتى المتهرب الضريبي مطالبته بتسديد المستحقات العالقة في ذمته لن تكون ذات فعالية إلا بالطريقة القضائية.
ومن مظاهر الفساد التي سلط عليها الخبير عية الضوء، غياب عدالة اجتماعية وتوزيع عادل للثروة، وهذا حسب تقديره من شأنه أن يتسبب في خلق احتقان اجتماعي و يؤثر على الاستثمار،  ولعل أهم ما يصنف ضمن قائمة الفساد أوضح الخبير أنه يتمثل في الصفقات العمومية خاصة أن قانون الصفقات العمومية ليس في متناول المواطنين للاطلاع عليه، بالإضافة إلى كونه معقد في الجانب القانوني والإجرائي وحتى في الأثر المالي، وقال أنه اتضح في بعض النزاعات أن ما لا يقل عن 80 بالمائة من أثرياء الجزائر الذين اكتسبوا الثروة بالمال الفاسد بسبب الصفقات العمومية، ويضاف إلى مظاهر الفساد التعثر في تسديد الديون التي قدمتها البنوك كقروض استثمارية، وكذا تحويل الأموال للخارج وتضخيم الفواتير والتهرب الضريبي. وفي رده عن سؤال يتعلق إن كانت كلفة اقتصادية ومالية للحراك الشعبي السلمي، أكد الخبير عية عبد الرحمان أن الكلفة الاقتصادية والمالية إلى غاية اليوم ليست كبيرة، على اعتبار أن القطاعات الإستراتجية لم تتوقف عن العمل، كون الخوف كان قائما عن توقف المؤسسات النفطية و البنوك، لكن توجد تكاليف مالية على مستوى الجامعة التي أفضى إضرابها عن تكاليف مالية إضافية، ولأنه في حالة أن الجامعة قررت استدراك الموسم الدراسي الجامعي شهر جويلية المقبل، حيث يتطلب الأمر عبء مالي يناهز 1 مليار دينار يوميا، لأن 47 بالمائة من الميزانية المالية الجامعية تحول لفائدة الخدمات الجامعية، ومن بين القطاعات التي تأثرت بالحراك ومرشحة أن تتأثر أكثر وتكون لها كلفة اقتصادية، ذكر الخبير قطاعات التربية والنقل وقطاع السياحة، هذا من جهة ومن جهة أخرى أشار عية إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار وعدم إهمال مسألة تأثير الضغط الخارجي، مثل إقدام اليونان على توقيف مشروع شراكة مع مجمع سوناطراك بفعل ضغط جنوب أوروبي على اليونان. ويرى عية عبد الرحمان بنظرته الأكاديمية أن المنظومة التشريعية تعرف ضعفا في بعض جوانبها وتحتاج إلى إصلاح خاصة ما تعلق بضبط الصلاحيات وضبط المهام وتعزيز الآليات المعنية بمكافحة الفساد.