طباعة هذه الصفحة

ارتفاع الطلـب علـى فـروع الاقتصاد يعكـس تفكـير الطالـــب في الشغـل مبكرا

تحويــــل المـدارس من تحضيريــــة إلى عليـا يعزز الدفع بكفـاءات بشرية إلى عالم الاقتصــاد

تعرف التسجيلات الجامعية تزايد الطلب على المدارس والكليات الاقتصادية بجميع تخصصاتها ويفسر البروفيسور في الاقتصاد محمد حشماوي ذلك بان الطلبة يميلون في التفكير حول مستقبلهم في عالم الشغل ولذلك يشرعون مبكرا في السؤال عن الفروع والميادين التي تسمح له بتحقيق الحلم والتي توفر أكثر الفرص وفي مقدمتها بالطبع الفروع الاقتصادية بكل تخصصاتها كون الاقتصاد والتسيير والتجارة مجالات شاملة تمس كافة القطاعات بينما الفروع الأخرى لها طابع قطاعي ضيق الأفق ومن هنا يكون الطلب على المدارس الاقتصادية.
ويوضح بهذا الخصوص قائلا» مثلا تكوين في السياحة يفرض العمل في السياحة أما تكوين في الاقتصاد فيمكن العمل من خلاله في كل القطاعات خاصة وان تخصصات العلوم الاقتصادية عديدة مثل المناجمنت، التسيير، المالية، التجارة، إدارة الأزمات والرياضة، هي تخصصات محورية أفقية، ما يجعل الطالب يميل إليها مفكرا في الشغل قبل التسجيل».
وأصبح ضمن هذه التخصصات الاقتصادية توجه لاختيار المدارس، كون المدرسة توفر تكوينا متميزا مقارنة بالجامعة التي تعاني من الاكتظاظ بينما المدرسة عدد طلابها محدود والمناهج حديثة والإمكانيات فيها أفضل. كل هذا يضيف حشماوي « يجعل الدراسة في المدارس العليا ذات نوعية بالنظر لعوامل التنظيم والبرامج وعليه فان الطلب على المدارس يرتفع كل سنة وهي مطلوبة حتى من المؤسسات الاقتصادية التي توظف حيرة المتخرجين».
لماذا تأسست المدارس العليا؟
يعتبر الأستاذ حشماوي أن هناك عدة عوامل وراء تاسيسها كون الهدف من احداث المدارس العليا بلوغ درجة تكوين الامتياز (إعداد النخبة)، لذلك يتم اختيار الطلبة من اصحاب المعدلات المرتفعة في شهادة الباكالوريا، ويمكن للمعدلات أن تكون مختلفة من سنة لأخرى إلى جانب معيار طاقة الاستيعاب والقدرات التأطيرية للمدرسة.
لقد أنشئت المدارس التحضيرية في سنة 2009 لتنتقل إلى نظام المدارس العليا قصد استيعاب الطلب.
وحول سؤال أن كان هذا التحول يعكس التخلي عن تجربة أو تطوير لها؟، أوضح البروفيسور حشماوي انه «يدخل في إطار إصلاح التعليم العالي من اجل الانتقال من تكوين كمي إلى تكوين نوعي وإعداد كفاءات تسييرية عالية المستوى من اجل توجيهها إلى القطاع الاقتصادي أولا والإداري ثانيا».
 لهذا كان الولوج إلى هذه المدارس بشروط (المعدلات) ومنهج الدراسة حيث تسطر برامج تدريس مكثفة في السنة الأولى والثانية كما تعتمد طرق تدريس حديثة ترافقها مناهج تقيم صارمة كون الطالب في المدرية التحضيرية يدرس سنتين وبعد التفوق تجرى مسابقة وطنية للدخول إلى السلك الثاني (الماستر). والانتقال من سنة إلى أخرى يخضع إلى تقييم على مستوى لجنة مداولات مشكلة من أساتذة من كل مستوى، علما أن الأستاذ من منطلق معرفته للطالب (عدد الطلبة في الفوج محدود) يكون التقييم دقيقا وصارما. كل هذا يتم وفقا للقرار الوزاري 12 الصادر في جانفي 2017 وكذا وفقا لقرارات نظام «ليسانس، ماستر، دكتوراه» الخاص بالمدارس العليا خاصة القرارين 511 و512.
ويؤكد محدثنا أن «هذا التوجه يندرج في إطار بناء كفاءات بشرية مؤهلة لتسيير الاقتصاد خاصة وان الجزائر تريد مرافقة اقتصادها للتحرر من التبعية للمحروقات وتنويعه بتحسين مؤشرات الإنتاج والتصدير ما يعني رد الاعتبار للتجارة الدولية في المشهد العام للسوق الجزائرية». للإشارة عانت المؤسسة من عجز في الإطارات ويتم سده بتوفير الكفاءات المهنية عن طرق وضع موارد بشرية فعالة.
 وبعد تجربة خمس سنوات من عمل المدارس التحضيرية جرى تقييم معمق وشامل لها، حيث تبين وجود طلب كبير عليها، ونظرا للتكوين لمدة سنتين لم تعد المدارس التحضيرية تستقطب كفاءات الأساتذة الذين يفضلون تكوين في الماستر والبحث، فرأت الوصاية انه من المهم تحويل المدارس التحضيرية إلى مدارس عليا ورشّحت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي 10 مدارس بعد دراسة الجدوى من قبل لجنة وطنية نصبت لهذا الشأن، حيث تم قبول 9 مدارس عبر الوطن.
وماذا عن المدرسة التحضيرية في العلوم الاقتصادية، التجارية وعلوم التسيير؟
يوضح حشماوي مدير المدرسة قائلا «الواقع بقي مشروع تحويل الإطار القانوني لمدرستنا بالنظر لتحفظات يجري التكفل بها لمعالجتها، وانوه من هذا المنبر بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الطاهر حجار من اجل تجسيد مشروع تحويل المدرسة من تحضيرية إلى عليا»، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة الجامعية تتميز بالتكوين في تخصصات هامة منها التجارة الدولية وهو نشاط متميز عن غيره من أنواع التجارة في ظل حاجة المنظومة الاقتصادية إلى تأطير نوعي في هذا المجال.
وللتوضيح، تختلف هذه المدرسة من حيث التخصصات عن باقي المدارس الأخرى بحيث تستجيب إلى احتياجات عالم التجارة الدولية خاصة في ظل التوجهات الجديدة لترقية التجارة خارج المحروقات ودراسة الأسواق في التصدير والاستيراد، في وقت تحتاج فيه المؤسسات الجزائرية إلى تأطير بشري نوعي لكسب معركة التنافسية. وعلى سبيل المثال يلاحظ في السوق كيف تقوم مؤسسة باستيراد منتوجات موجودة محليا وغالبا بأسعار مرتفعة لأنها لا تتحكم في مؤشرات الأسواق التي تدرج دراستها في صميم العملية التجارية الناجحة، وهو ما تقوم المدرسة بالتصدي له بحيث تضمن تكوينا في دراسة الأسواق والتحكم في الفواتير وغيرها من المجالات التي تهيمن على التجارة الدولية في الظرف الراهن.
سعيد بن عياد