طباعة هذه الصفحة

البروفيسـور محـمـد حشمـاوي:

حــان الوقـــت للاهــتمام بالبـحث العلمـي في جميع القطاعــات

فضيلة بودريش

الجامعة محطة الانطلاق الاقتصادي الحقيقي

رؤية واضحة واعتماد آليات ناجعة لبلوغ الأهداف

دعا البروفيسور محمد حشماوي أستاذ العلوم الاقتصادية إلى ضرورة التعجيل بتجسيد جسور التعاون ما بين الجامعة والمؤسسة الإنتاجية سواء كانت اقتصادية أو خدماتية، وقال أن الجزائر تتوفر على مجموعة من القطاعات القابلة إلى التطور وخلق الثروة ويرى أن هذا التطور لن يتجسد إلا من خلال البحث والابتكار الذي توفره الجامعة، مشددا على ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي في جميع القطاعات، غي ظل التطور التكنولوجي السريع والتغيرات الاقتصادية السارية، وقال أنه لا مفر من التعجيل بتطوير التعليم من أجل خدمة الاقتصاد الوطني.

الشعب: ما رأيك حول طبيعة العلاقة التي تجمع المؤسسة الاقتصادية بالجامعة..وهل فعل يوجد تعاون قد يفضي إلى ترقية أداء الآلة الإنتاجية؟
- الدكتور محمد حشماوي: يمكن القول أن العلاقة بين الجامعة والمؤسسة الاقتصادية عرفت نوعا من القصور خلال السنوات الماضية حيث كان يسجل غياب للجسور التي تربطهما، لكن خلال السنوات الأخيرة سجل اهتمام كبير في خلق الجسور، علما أن الجامعة تلعب دورا كبيرا في التنمية من خلال البحوث التي تقوم بها لفائدة المؤسسات الاقتصادية بشكل عام، سواء كانت إنتاجية أو خدماتية، ولا يخفى أنه يسجل اهتمام محسوس من جانب الطرفين نظرا لقدرة هذه العلاقة في الدفع بالاقتصاد الجزائري في تنويع الاقتصاد خاصة في الآونة الأخيرة، حيث تحرص الجزائر على تنويع اقتصادها والخروج من التبعية النفطية والتحرر من اقتصاد المحروقات إلى اقتصاد بديل متنوع يرتكز على استحداث الثروة، وكانت ندوة نهاية عام 2015 لتقييم نظام «أل.م. دي» قد ركزت على العلاقة بين المؤسسة الاقتصادية والجامعة، وسجل بالموازاة مع ذلك حضورا قويا للمؤسسات الجزائرية، وكانت لجنة خاصة لتقييم العلاقة بين الطرفين، في ظل وجود المتابعة المستمرة من طرف وزارة التعليم العالي لهذه العلاقة، أي هناك تقييم دوري تقوم به الوزارة لتقدم هذه العلاقة، والوزارة تطالب المؤسسات الجامعية بهذا التقييم الدوري، وتطالب في نفس الوقت اقتراب ومساهمة كل مؤسسة في بناء العلاقة بين المؤسسة والجامعة، وهذا في إطار الاقتراب من المؤسسة الاقتصادية، وتم عقد مجموعة من الاتفاقيات ما بين الجامعة والمؤسسات الاقتصادية، ة من أجل تطوير العلاقة والاتفاقيات تخص مجموعة من البحوث المتعلقة بنشاط هذه المؤسسات في الميدان التكنولوجي أو الاقتصادي، وأعتقد أن هناك وعي واهتمام والجميع بات يسهر على تطوير هذه العلاقة، وبالتالي على خلق آليات لهذه العلاقة مثل الاتفاقيات ولقاءات دورية بين الطرفين ومشاركة المؤسسات الاقتصادية في هياكل المؤسسات الجامعية مثل مجلس الإدارة، وهذا الاحتكاك بنشاط الجامعات ودعوة المؤسسة الاقتصادية للمشاركة في تركيب البرامج المختلفة وفي التعبير عن احتياجاتها، من شأنه أن يمكن الجامعة من الاستجابة لهذه الاحتياجات.
هل بحوزتكم أرقاما عن التعاون الذي يسري بين الجامعة والمؤسسة الإنتاجية؟
-لازال هذا المشكل مطروحا، ونذكر وجود مجموعة من البحوث يتعاون فيها مع المخابر الجامعية، ويضاف إليها بعض المبادرات طرحت من طرف الطلبة والجامعات لتجسيد البحوث، لكن لا يخفى أنه لازال هناك النقص في تجسيد هذه المشاريع على أرض الواقع، ولهذا من الضروري خلق مجموعة من الآليات بين المؤسسة والجامعات لتجسيد هذه المشاريع ومساعدة أصحاب هذه المشاريع، ومن الضروري التأكيد بأنه يسجل على مستوى العديد من المؤسسات الجامعية مجموعة من الطلبة قاموا بالبحوث وابتكار بعض المنتجات، ولم يتم تجسيدها، وكل ذلك يحتاج إلى آليات لتشجيع الباحثين على الاستمرار في البحث ثم تجسيد مشاريعهم.

تطوير التعليم لخدمة اقتصاد المعرفة

الجزائر تعيش التحول الاقتصادي.. كيف ترى مجرى هذا التحول الذي يكتسي أهمية في مواجهة تحديات التنمية؟
- دون شك يوجد وعي كبير لدى الجميع، من أجل تطوير وتنويع الاقتصاد الجزائري، وفعلا التنويع يحتاج إلى جهود الجميع، وللجامعة دور اقتصادي هام ممكن أن تلعبه، والجزائر تتوفر على مجموعة من القطاعات القابلة إلى التطور وهذا التطور له علاقة بعملية الإبداع والبحث ولا يأتي هذا الأخير إلا من الجامعة، وحان الوقت للاهتمام بالبحث العلمي في مختلف القطاعات، ويتضح التطور التكنولوجي السريع وكذا التغيرات الاقتصادية السارية في العالم، ولمواكبة كل ذلك من الضروري تطوير التعليم لخدمة الاقتصاد، لهذا يجب توفير شروط البحث واقتناع المؤسسة الجزائرية بالبحث العلمي، لأنه في السابق كان يسجل قطيعة بين المؤسسة والبحث، لذا ينبغي الرجوع إلى العلاقة الوطيدة بين المؤسسة والباحث مثل باقي البلدان والجامعات، وبالتالي نعتبر الجامعة محطة الانطلاق الحقيقي للتطور الاقتصادي، ويجب أن ندرك أن المعرفة مصدر للثروة والتطور والتنمية الاقتصادية، وننطلق من هذه النقطة الجوهرية، وإلى جانب تشجيع البحث العلمي ودفع البحث للعب دوره المنوط، لأن المعرفة والتكنولوجيا عاملان من عوامل خلق الثروة، ولازلنا متأخرين في هذا المجال، لذا على الجامعة والمؤسسة بذل الجهود ورفع التحدي من أجل وضع دور كل طرف من اجل المساهمة في تجسيد المعادلة التنموية، وبات ضروريا على المؤسسة أن تقترب من الجامعة والعكس صحيح، ويجب أن يقطع كل طرف خطوات نحو الأمام بهدف الالتقاء في التنمية الاقتصادية التي تصب في مصلحة الجزائر.

استقرار الاقتصاد الكلي

- كيف يمكن القفز إلى مرحلة التخلي الفعلي عن التبعية لإيرادات النفط؟
- بالفعل نعاني مثل البلدان المنتجة والمصدرة للنفط من التبعية إلى ثروة المحروقات، لكن تبعيتنا جد عالية أي بنسبة تفوق ال90 بالمائة والعديد من البلدان مثل بعض بلدان الخليج، بدأت تعتمد على موارد أخرى بديلة عن المحروقات ووصلت إلى 50 بالمائة، وهذا يتطلب تجسيد شعار مرحلة ما بعد المحروقات ويعد شعار قديم جديد، وهناك خطاب يدعو للخروج من هذه التبعية، لكن فعليا لازلنا تابعين إلى المحروقات، أين المشكل..؟.. وفي اعتقادي يكمن المشكل في عدم قدرة الإنتاج الوطني وضعفه في تلبية الحاجيات الجزائرية، وهناك الاعتماد الكبير على البترول والاستيراد لتلبية الطلب الوطني، إذا كان في مرحلة معينة مقبولا صار اليوم غير مقبولا، ولأن الجزائر تواجه تحديات كبيرة، في ظل وجود تقلبات كبيرة في سوق المحروقات ويضاف إليها منافسين في مجال النفط وكذا الأسعار متذبذبة وحتمية زوال البترول..إذا هل فعلا هناك تفكير في أفق 2040 و2050، لأنه في آفاق عشرية أو عشريتين القادمتين، يمكن زوال البترول ومرشح أن ينخفض الطلب على النفط، لأنه يسجل تقدم في الطاقات النووية وتقدم في الطاقات المتجددة وتطور في الاستغناء عن البنزين واستبدال استعماله في السيارات، والطلب حتما سينخفض على البترول أمام ظهور الغاز الصخري، لذا اعتقد أن الحل يتمثل في الذهاب إلى تنويع الاقتصاد والاهتمام بقطاعات يمكن للجزائر أن تنافس بها في التصدير، ولإيجاد مصادر أخرى للعملة الأجنبية والتقليص من فاتورة الواردات، ولأن الاحتياطي الصرف بالعملة الأجنبية يلعب دورا كبيرا في استقرار الاقتصاد الكلي، يجب التعجيل في تحديد القطاعات التي تحتاج إلى تطوير، وهناك قطاعات لم تتطور إلى المستوى المطلوب، ونجد قطاع الصناعة متشعب ومتعدد.. فما هي الصناعات التي تحتاج التركيز عليها ويمكن المنافسة بها في الأسواق الخارجية، ونذكر أن هناك عوامل تساعد على المنافسة، وإلا ندخل في حلقة مفرغة، وخلاصة القول أنه من الضروري تحديد رؤية واضحة وخلق الآليات للوصول إلى الأهداف، من خلال دراسات دقيقة ومعرفة القطاعات التي يمكن الاعتماد عليها، والعمل بمنطق أن المؤسسة الاقتصادية وحدها من تستحدث الثروة.