طباعة هذه الصفحة

الاستشراف لأول مرة في قانون المالية 2018 لمواكبة المستجدات المستقبلية

فضيلة بودريش

تضمن مشروع قانون المالية لعام 2018 الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه، العديد من المستجدات، أبرزها اتجاهه نحو الاستشراف ودعمه للاستثمار، إلى جانب عدم اقتصار الاعتماد في التمويل على الجباية النفطية والجباية العادية بعد استحداث التمويل التقليدي. ولعل عودة الجباية النفطية كمورد للتمويل، يعول عليه كثيرا في امتصاص العجز الذي يرتقب أن يتضاءل شيئا فشيئا إلى غاية عام 2020.
بالفعل يحظى قانون المالية بأهمية كبرى، على اعتبار أنه يؤطر التوجهات المالية والاقتصادية الكبرى للبلاد، حيث نشط الخبير والوزير السابق للاستشراف بشير مصيطفى، ندوة حول “اليقظة المالية الاقتصادية: قراءة في قانون المالية 2018”، سلط فيها الضوء على أهمية القانون الجديد للسنة المقبلة، وفضل التوقف على جديد هذا القانون، مغتنما الفرصة ليدعو إلى مراجعة الدعم من أجل عقلنة التحويلات الاجتماعية وترشيدها، كون سقفها سوف يواصل منحاه التصاعدي سنويا وبشكل محسوس.
يرى مصيطفى، أن أهم ما يميز قانون المالية للسنة المقبلة، يتمثل في كونه يتجه نحو الاستشراف، ويصب في دعم الاستثمارات، إلى جانب إشارته إلى تسجيل الرفع في ميزانية التجهيز بفضل التمويل غير تقليدي وهذا موجه على وجه الخصوص لتعميق وإرساء الاستثمارات وتحدث بالموازاة مع ذلك عن تسجيل تراجع في ميزانية التسيير.
لعل خيار الحكومة باعتمادها سعرا مرجعيا للنفط في حدود 50 دولارا بدوره يصب في إطار السعي نحو امتصاص العجز المسجل على مستوى الميزانية. وقدر الخبير مصيطفى احتياجات الخزينة العمومية لتحقيق التوازن بنحو 5.7 مليار دولار، ويعد من الخيارات المتاحة التي تبنتها الحكومة، من أجل تحقيق التوازن المالي. ويضاف إلى كل ذلك، توفير أكثر من مورد للتمويل في القانون الجديد للمالية، من بينه الجباية النفطية والجباية العادية وكذا التمويل التقليدي، ويسجل عودة الجباية النفطية.
واعتبر مصيطفى أنه يرتقب أن تقفز نسبة النمو في آفاق 2020 إلى سقف 4.8٪، ومن 4٪ في 2018 إلى 4.8٪ في 2019. أما التضخم، فينتظر أن يناهز حدود 5.5٪ عام 2018، ثم ينخفض إلى 4٪ في عام 2019، ويواصل هذا الانخفاض المحسوس في عام 2020 ليستقر عند 3.3٪ في عام 2020.
حول الرسوم والضرائب المستحدثة في هذا القانون الجديد، ذكر مصيطفى الزيادة في أسعار الوقود، أما الزيادات الأخرى فلا تؤثر، بحسب تقديره، على القدرة الشرائية، مثل الزيادة في أسعار التبغ والتي تحول إلى عدة صناديق، من بينها صندوق دعم مرضى السرطان، والزيادة بنسبة 1٪ في التوطين البنكي للواردات، ونفى أن تؤثر الزيادة في “المازوت” على أسعار المنتجات الفلاحية وبالتالي على القدرة الشرائية.
وأهم ما تطرق إليه مصيطفى، أن قانون المالية لعام 2018، أقر غرامات مالية لم تكن تطبق لكل من لا يستغل العقار الصناعي، وتضاف إليها غرامات مالية على مركبي السيارات الذين لا يحترمون الشروط، إلى جانب إلغاء الضريبة على القيمة المضافة على المواد الخاصة بتربية المواشي.
إذن يمكن القول إن من النقاط الجوهرية التي جاء بها قانون المالية للسنة المقبلة، لأول مرة، الاتجاه للاستشراف لمواكبة التحولات الطارئة في المجالين المالي والاقتصادي ولمواجهة تقلبات الظرف الحالي، والتكيف مع أي مستجدات مستقبلية.