طباعة هذه الصفحة

الفقيد من طينة الكبار وركيزة القسم الرّياضي، حطاب:

صلاح دخل البيوت الجزائرية بصوته الجذّاب وروحه الوطنية

سهام بوعموشة

أجمع جل المتدخلين في تأبينية عميد الإعلام الرياضي الفقيد محمد صلاح، التي نظمتها جريدة «الشعب» أمس، على أن الرجل كان من طينة الكبار ويمثل الركيزة بالإذاعة الوطنية وبالتحديد بالقسم الرياضي، ترك بصماته السمعية من خلال صوته الجميل والدافئ في تعليقاته على المباريات الرياضية، كما كان يتميز بأخلاق وحكمة في الكلام، بحيث أشاد المتدخلون بمبادرة يومية «الشعب» في تعريف الأجيال الجديدة بهذا الإعلامي الفذ.
أثنى وزير الرياضة محمد حطاب على التعليقات الحماسية للمرحوم صلاح وحرارة الأداء التي تجعلك تعيش المباراة بكل تفاصيلها من خلال صوته الرخيم والقوي، الذي يسافر بك في أرجاء البساط الأخضر، مضيفا أن الإعلامي صلاح كان يدخل البيوت الجزائرية بدون استئذان بصوته الجذاب وروحه الوطنية التي تنم عن حبه للجزائر وعفويته لاسيما في ملحمة خيخون سنة 1982، التي خلّدت المباراة وأدخلت الرجل في تاريخ الكرة الجزائرية، وبقيت الأجيال تتذكر هذا الصوت المدوي في الساحة الإعلامية الرياضية.
في هذا الصدد، أشار وزير الرياضة إلى أنه من خلال مبادرة يومية «الشعب» اكتشف جوانب خفية عن شخصية الفقيد التي كان يجهلها، وذلك عبر الشهادات المؤثرة لمن عايشوه وعملوا معه عن قرب طيلة مشواره المهني، قائلا: «ربما كنا نظن أننا نعرفه، لكن تبين أننا نعرف إلا الشيء القليل عن محمد صلاح، أشكر جريدة الشعب على هذه المبادرة»، آملا في أن تكون تقليدا وعبرة للأسرة الإعلامية من خلال هذا اللقاء.  

الرّئيسة المديرة العامة لجريدة «الشعب»: صنع عزّة الصّحافة الرّياضية في الجزائر

من جهتها، وصفت الرئيسة المديرة العامة لجريدة «الشعب» السيدة أمينة دباش المرحوم، بأحد أعمدة الصحافة الرياضية الذي ترك بصماته طيلة مشواره المهني، من بينها البصمة السمعية قائلة: «تلك الصرخة الخالدة في أذهاننا التي لا يمكن تكرارها، كونها كانت نابعة من أعماق ذاته دون تكلف ولا تصنع»، مؤكّدة أن الفقيد كان كارزمة واسما على مسمى.
وأضافت الرئيسة المديرة العامة في تدخلها، أن الفقيد محمد صلاح كان بكل جدارة واستحقاق من بين من صنعوا عزة الصحافة الرياضية في الجزائر، مشيرة إلى أن هذه الوقفة تعد ترحما وتقديرا واستذكارا لما قدمه كبير الإعلاميين الرياضيين، وأبسط ما يمكن تقديمه للزميل صلاح كي لا يرحل في صمت عرفانا بمساره المهني، آملة ترسيخ هذه المبادرة تقليدا تظل مهنة المتاعب بحاجة إليه، قالت أمينة دباش.

حبّه للرّياضة والفريق الوطني جعلاه يبدع في التّعليق

وفي شهادة لمسعود قادري، أحد زملاء الفقيد الذي رافقه طيلة مساره المهني، قائلا أنه عرف صلاح في الميدان وعايش معه كل لحظات الفرق الوطنية التي كانوا يتنقلون معها للخارج، مؤكدا أن الراحل كان يحب مهنته ومخلصا في أدائها، وهذا ما جعله يمتاز عن غيره، رغم الظروف القاسية التي عاشها أثناء تغطية مباريات المنتخب الوطني في البلدان الإفريقية، وكان يصر على نقل المقابلة مهما كانت الظروف، بحيث نقل مقابلات حاسمة من مالي وكوناكري وباماكو، حيث كانت الأجواء قاسية جدا والزوابع الرملية، كما كان يحرص على توفير كل ظروف العمل قبل انطلاق المباراة، أضاف قادري.
وقال أيضا أن ما كان يميز صلاح  في نقل المباريات، هو أنه كان صحافيا ورياضيا وارتجاليا في العمل ومخلصا لزملائه، في مقابلة خيخون سنة 1982 وكان يعيش الحدث من أوله إلى آخره وحبه للرياضة والفريق الوطني جعله يبدع في التعليق، مشيرا إلى أهمية مباراة خيخون التي كانت لها دور خاص وجعلته يعيش حدث عالميا دوليا.
من جهته، أشاد الفنان الصادق جمعاوي بخصال محمد صلاح، الذي كان يتمتّع بكارزمة ورزانة باعتباره كان جاره وتعرف عليه سنة 1983 التي تزامنت مع تنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط، حيث اكتشف انضباطه في العمل، قائلا:»  سافرت معه إلى الدار البيضاء بالمغرب، وقد ساهم بقسط كبير في أغنية «جيبوها يا الأولاد» بصرخته أعطى حماس للرصيد الغنائي الرياضي»، مشيرا إلى أن الفقيد صوته دافئ وجميل ورخيم، بحيث  كان قليل الكلام ولم تكن له زلة لسان.

عبد النور بلخير: من مؤسّسي التّعليق الرّياضي في العالم العربي حدّد لي مساري المهني
 
أكّد عبد النور بلخير مدير الأخبار بالقناة الأولى  بالإذاعة الوطنية، أن صلاح واحد من مؤسسي التعليق الرياضي في العالم العربي، وواحد من أعضاء اللجنة التي حضرت المصطلح الرياضي في التعليق بتونس، لأن التعليق كان نصفه بالعربية  والآخر الفرنسية، بحيث وحد المصطلح الرياضي مع الكثير من الصحافيين في العالم العربي.
وأضاف أن الفقيد، كان رجلا خلوقا حبوبا، أثر في كل الشعب الجزائري وعالم التعليق الرياضي لا أحد من الجيل القديم يسمع صيحته ولا ينسبه له، لو ألفت كتبا عنه تقشعر الأبدان عند قراءتها، مشيرا إلى أنه تأثر بالفقيد منذ صغره إلى درجة تقليد صوته وكان حلمه الوحيد أن يكون معلقا رياضيا، قائلا: «صلاح حدد لي مساري المهني، زرع فينا الأمل ورسم لنا منهجا مهنيا مميزا صرنا معلقين فيما بعد ولنا أسماء في عالم الرياضة».
وقال أيضا أنه كان لصيقا بالفقيد مدة 28 سنة، وله ذكريات كبيرة معه، تنم عن قيمة الرجل الذي كان لا يتكلم إلا قليلا ولا يقول إلا صوابا،على حد تعبيره، آملا في أن تتكرر مثل هذه المبادرات في العديد من المؤسسات، لإعطاء الرجل حقه مثلما أعطاه  لكل الشعب الجزائري.