لا يزال مسجد سيدي معيزة بقصبة تنس القديمة بولاية الشلف من أقدم المساجد في الجزائر بالنظر إلى إشعاعه الديني والفكري في الشمال الإفريقي إبان حكم قبيلة مغراوة بحوض الونشريس تحت قيادة صولات بن وزمار، الذي أسلم على يد عثمان بن عفان رضي الله عنه، كما تحدّث عنه الشيخ العلامة عبد الرحمن الجيلالي. هذا ويعود تأسيسه إلى القرن التاسع ميلادي في عهد المعز لدين الله الفاطمي.
هذه المكانة التي يحتلها هذا الصرح الديني العريق جعلت منه قلعة تحظى بالزيارة، وتفقد أجنحته التي ما زالت محافظة على أعمدتها الخشبية كطراز معماري يحمل جماليات الحضارات المشرقية الأندلسية والمغاربية، به محراب يحمل نمط الهندسة التي شكل بها مسجد دمشق بسوريا العربية.
وعملت المصالح المعنية على إعادة تصنيفه ضمن المعالم بعد الاستقلال سنة 1967 طبقا للأمر رقم 67 / 282، ولعل أول إمامة بالمسجد كانت تحت قيادة الشيخ سيدي عبد الله المغراوي التنسي نسبة لقبيلة مغراوة والذي توفي سنة 899م.وارتبط اسم هذا العلامة الجزائري المشهور بالمصحف الشريف الذي تمّ طبعه بالمملكة العربية السعودية، هذه المكانة التي تبوأها المسجد جعلته على لسان كل من زار الموقع، الذي لا يزال جوهرة تنس القديمة وخليجه الهادئ الذي يعانق البحر الأبيض المتوسط.
أما إمامة المسجد بعد الشيخ سيدي عبد الله المغراوي فكانت لسيدي أبو أحمد أبو معزة المعروف بسيدي معيزة، والذي يعود أصله إلى مدينة معسكر ليحمل اسمه على امتداد هذه الفترات التاريخية بين مساجد الجزائر.
أما بخصوص مدينته القديمة «تنس» التي تحتضنه كقلعة شامخة شموخ الجزائر، والتي كانت عند الفينيقيين تعني المدينة المفتاح، فقد تأسست عام 785م / 262م على يد البحارة الأندلسيين.
هذا الموقع الروحي والديني كمؤسسة مسجدية، تلقى إقبالا كبيرا من طرف السكان والزوار، حيث تصدح من مئذنتها آيات الذكر الحكيم خاصة في صلاة التراويح وباقي الأوقات مع دروس في الفقه والسيرة النبوية في الوعظ والإرشاد والتربية والتوجيه لفائدة أبناء المنطقة وخارجها من الولاية والمناطق المتاخمة لها.
