تعديـــلات هامّـة للحفـاظ علـــى الروابـط الأسريـة وتماسك المجتمـع
شكّل اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس قضاء البليدة، مؤخرا، حول القانون 25-14 الصادر في الثالث أوت 2025، فرصة مواتية لشرح أحكامه والتعديلات الهامة التي جاء بها فيما يخص القواعد الإجرائية وأهميتها لتحقيق المحاكمة العادلة.
حضر التظاهرة مختصين في القانون وقضاة ومحامين وممثلين عن الشرطة القضائية، حيث تمّ شرح الأهداف الرئيسية لتعديل قانون الإجراءات الجزائية الذي يندرج ضمن عصرنة النظام القضائي وتكييفه مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وكذا توضيح أدوار الفاعلين في المجال القضائي ورفع التجريم عن أعمال التسيير الإداري، كما تمكّن المشاركون من التعرّف على الأحكام الجديدة المتعلقة ببدائل الاحتجاز وإدارة القضايا الجنائية.
في هذا الشأن صرّح النائب العام لمجلس قضاء البليدة عبد المجيد جباري: “في ظلّ التعديلات الجديدة خاصة قانون الإجراءات الجزائية، ارتأى وزير العدل حافظ الأختام وعكف على أن تكون هذه اللقاءات بحضور الهيئات ذي صلة سواء هيئة الدفاع أو مساعدي العدالة وخاصة الضبطية القضائية لأن المسألة تتمثل في المساس بالحقوق والحريات، وقانون الإجراءات الجزائية يوازن بين حق المجتمع في الدفاع عن نفسه وكذلك المتهم مرتكب الجريمة له الحق في أن تكون المحاكمة عادلة”.
وتابع المتحدث: “على هذا الأساس هناك مجموعة من القوانين الإجرائية تغيرت كلها تصبّ في مسألة المحاكمة العادلة وخاصة ما يُسمى بالتنبيه، فإذا كان النزاع بين أفراد الأسرة حتى للدرجة الرابعة أو الجيران يحق لوكيل الجمهورية أن ينبه الشخص بالكف عن هذا التصرف ويٌحفظ الملف، والمبتغى من هذا التعديل هو الحفاظ على الروابط الأسرية وبين الجيران، ولهذا جعل قانون الإجراءات الجزائية كل المخالفات في هذا الخصوص أوامر جزائية لا تتطلب المحاكمات وطول المدة للفصل فيها”.
ويُشبه إجراء التنبيه إجراء الوساطة التي ينصّ عليها القانون بين المتخاصمين وذلك بهدف الإصلاح بينهما لتفادي اكتظاظ الدعاوي، ولا شكّ أن المُشرع الجزائري اعتمد التنبيه كإجراء جديد بعد تنامي بعض الجرائم مثل التعدي على الأصول، وكذا الخصومات بين الورثة، ما أدى ارتفاع عدد النزاعات القضائية بين أفراد الأسرة الواحدة وكذا بين الجيران، وسيسمح هذا الإجراء بتفادي التفكك الأسري والمجتمعي على حدّ سواء، ويتيح للمتخاصمين فرصة إقامة علاقة اجتماعية جيدة بينهما من جديد بعيدا عن الضغائن والأحقاد.
وأبرز ممثل السلطة القضائية وممثل الحق العام: “تطرّق القانون الجديد أيضا إلى الاعتراف بالذنب والاعتراف بالجريمة حيث يقرّ المجرم بفعله خاصة في جرائم التلبس، وفي هذه الحالة لا يٌنظر إلى هذا الاعتراف على أنه سيد الأدلة وإنما دليل تحت رقابة القضاء ويٌناقش بين القضاة والدفاع، ولكن الاعتراف بالذنب هو إجرام قانوني وإقرار بالمسؤولية الجزائية والمدنية، وهناك إجراء ثاني تضمنّه القانون فيما يخصّ مسألة الحفاظ على المال العام فالشخص المعنوي أصبح يجوز له الاتفاق مع وكيل الجمهورية والاستعانة بخبير، وإذا استعد الشخص المعنوي لأن يتحمل المسؤولية الجزائية كغرامة للخزينة العامة ويتحمل التعويضات المدنية للأشخاص المتضررة، لن تكون هناك متابعة جزائية ويتمّ هذا الاتفاق”.
وختم السيد جباري قوله: “من بين أهم التعديلات التي جاء بها القانون بحسب السيد جباري، هو توسعة اختصاص الضبطية القضائية من إقليم محدد إلى المستوى الوطني، وهذا بالنسبة لجرائم القتل لاسيما الخطيرة منها مثل الإرهاب والتهريب والإتجار بالبشر والقتل العمدي وغيرها. الآن أصبحت المخالفات كلها أوامر جزائية وفيما يخصّ جرائم التلبس سيتم تقليص مدة الحبس الاحتياطي إلى خمسة أيام بدلا من ثمانية”.







