أكدت المفتش الثقافي والفني بمديرية الثقافة والفنون لولاية النعامة، فتحية باهرة، أن المهرجانات الثقافية تُعد من أهم العوامل المؤثرة في تشكيل الهوية الثقافية المجتمعية والمكانية، لما تحمله من رمزية حضارية، وما تتيحه من فضاءات للتعبير والإبداع وتبادل الخبرات.
قالت في تصريح لـ«الشعب” إن هذه المهرجانات، بتعدّد أشكالها وتنوعها، تعكس ثراء الصناعات الإبداعية في الجزائر، وتشكل فرصة حقيقية لتعزيز روح الانتماء الثقافي، في الوقت نفسه الذي تنفتح فيه على الحداثة عبر دمج عناصر جديدة ذات طابع استثماري وسياحي.
وأضافت المتحدثة أن المهرجانات الثقافية والفنية تلعب دوراً محورياً في الترويج للصناعات الإبداعية، باعتبارها مساحات حية للتلاقي بين الفنانين والمبدعين، ومختبراً لتبادل التجارب وتطوير المهارات. وأوضحت أن هذه التظاهرات تسهم في خلق حركية اقتصادية وثقافية، وتشجع الابتكار لدى الأفراد، فضلاً عن مساهمتها في رفع الوعي الثقافي لدى المجتمع وتعزيز الذوق الفني العام. كما أشارت إلى أن ربط التراث المحلي بوسائط التكنولوجيا الحديثة يتيح فرصاً أوسع لدعم النمو الاقتصادي والثقافي، ويُسهم في بناء جسور للتفاعل بين الثقافات المختلفة، ما يعزز الحوار والتفاهم المتبادل.
وفي السياق ذاته، شدّدت فتحية باهرة على ضرورة دمج المهرجانات في منظومة التنمية الاقتصادية من خلال التركيز على الصناعات الإبداعية التي تنبثق من مجالات متنوعة كالفنون البصرية، المسرح، السينما، والحرف اليدوية التراثية، والتي تمثل جوهر الهوية المحلية. ودعت إلى استحداث فضاءات للحوار والورشات التفاعلية التي تجمع بين الفنانين والخبراء والمستثمرين، وتنظيم معارض مخصصة للمنتجات الإبداعية، مع الاستفادة من أدوات الرقمنة والتسويق الثقافي لجذب الجمهور والمشاركين.
وختمت المتحدثة تأكيدها بأن المهرجانات لم تعد اليوم مجرد فضاءات للترفيه أو محطات للفرجة الجماعية، بل تحوّلت إلى ركائز أساسية في مسار التنمية المستدامة، لما تولّده من حركية اقتصادية وثقافية متكاملة، تُمكّن من استثمار الطاقات الإبداعية في مجالات متعددة، وتفتح آفاقاً واعدة أمام الشباب لتحويل أفكارهم المبتكرة إلى مشاريع منتجة وذات قيمة مضافة. وأوضحت أن المهرجانات، من خلال ما تتيحه من شبكات للتعاون والتبادل، أصبحت اليوم مختبراً حقيقياً للاقتصاد الثقافي، يجمع بين الفن والمعرفة والاستثمار.
وأكدت فتحية باهرة أن تشجيع المواهب المحلية ودعم الكفاءات الإبداعية لم يعد خياراً ثانوياً، بل ضرورة استراتيجية لتعزيز الحضور الثقافي الجزائري في الساحة الإقليمية والدولية، معتبرة أن بناء اقتصاد ثقافي قوي يقوم على الابتكار والإنتاج الفني هو أحد أهم رهانات المستقبل. كما شددت على أن الاستثمار في الثقافة والفنون، من خلال المهرجانات والبرامج الإبداعية، يُسهم في خلق مجتمع أكثر وعياً وانفتاحاً، ويُرسّخ صورة الجزائر كبلد يثمّن تراثه، ويؤمن بأن الثقافة هي القوة الناعمة القادرة على صناعة التنمية وتكريس التنوير.





