شهدت فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للشريط المرسوم بالجزائر (فيبدا 17)، أول أمس محاضرة مميزة بعنوان “كوميكس بالسيتينو” قدّمها الفنان الإسباني والباحث في الشريط المرسوم بيدرو روخو بيريز، الذي اختار أن يسلّط الضوء على التجربة الفلسطينية في الفن التاسع، من خلال عمل جماعي لعدد من الرسامين.
بيريز المعروف بدفاعه عن قضايا الشعوب المقهورة عبر الفن، عرض خلال المحاضرة مجموعة “قصص مصوّرة فلسطينية.. أصوات أفراد، صرخة جماعة”، وهي مبادرة فنية جمعت عشرة رسامين فلسطينيين نقلوا معاناة غزة وصمودها في وجه الاحتلال.. المبادرة، كما أوضح، لم تقتصر على الجانب الفني فقط، بل جاءت كتجسيد حيّ لرغبة المبدعين في إيصال صوتهم إلى العالم، حيث تحوّل الرسم إلى وسيلة مقاومة وتوثيق للذاكرة.
وشدّد المحاضر، بلغة عربية بسيطة مزج فيها بين الفصحى واللهجة الفلسطينية، على دور الترجمة في مدّ جسور التواصل مع الآخر، مؤكداً أن الأعمال الفنية حين تترجم تصبح أداة لتقريب الشعوب وإيصال الهم الإنساني إلى أوسع نطاق.
وفي السياق، توقف عند معاناة المبدعين الفلسطينيين الذين يعيشون وسط أزمة إنسانية خانقة، ومع ذلك مازالت أناملهم ـ كما وصف ـ “تطرّق أبواب الأمل” في واقع يؤمنون أنه سيعرف النور يوماً ما.
كما تناول روخو بيريز مسألة الهوية الفلسطينية التي يحاول الاحتلال الصهيوني طمسها والاستيلاء على ملامحها التراثية والثقافية، مشيراً إلى أن الحفاظ على تفاصيل الهوية، من اللباس إلى المطبخ الشعبي مروراً بالحكايات الشعبية، يعدّ جزءاً لا يتجزأ من مقاومة الاحتلال. وأضاف أن القضية الفلسطينية تظل محوراً مركزياً لدى الأحرار في العالم، لأنها تمثل معركة وجود وهوية قبل أن تكون نزاعاً سياسياً.
وقد لاقت المحاضرة تفاعلاً واسعاً من جمهور المهرجان، حيث رأى كثير من الحضور أن تقديم “الكوميكس” كوسيلة لنقل المأساة الفلسطينية إلى الأجيال الجديدة، هو خطوة ذكية تسهم في إبقاء القضية حيّة في الوجدان الجمعي العالمي.
وللإشارة، ذكر المحاضر بأنه من خلال المداخلة، يكون مهرجان “فيبدا” قد واصل تقليده في جعل الشريط المرسوم مساحة لطرح القضايا الكبرى، مؤكداً أن الفن يمكن أن يتحول إلى جسر تضامن وإنسانية، يربط الجزائر وفلسطين وسائر شعوب العالم الباحثة عن الحرية، كما أعرب عن أمله في أن تتحقق أمنيته الوحيدة ألا وهي “زيارة إلى القدس الشريف والاحتفال هناك بانتصار فلسطين مع كل أحرار العالم”.



