الفـن التاسع يرسـل بيانَــه الإنسـاني مـن الجزائـر إلى أطفــال غــزة
تتواصل بساحة ديوان رياض الفتح بالجزائر العاصمة فعاليات الطبعة السابعة عشرة من المهرجان الدولي للشريط المرسوم (2025 FIBDA)، الممتد من الأول إلى الخامس أكتوبر الجاري، تحت شعار “طبعة الأطفال”.
جاءت هذه الطبعة في سياق خاص ميّزته دعوة إنسانية أطلقتها وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة في كلمتها الافتتاحية، حيث ربطت بين الفن والبعد النضالي في ظلّ ما تعيشه غزة من مأساة إنسانية منذ قرابة عامين، مؤكدة أن الإبداع يمكن أن يكون وسيلة لرفع الصوت من أجل السلام والحرية.
ويُعتبر هذا الحدث السنوي محطة فنية وثقافية تجمع بين الإبداع البصري والسردي، وتدعو في الوقت ذاته إلى تعزيز قيم الإنسانية والسلام. وقالت الوزيرة في كلمتها “لابد أن أقف عند السمة النضالية للفن، إذ نحن في زمن الجحود، ونتذكر جميعا أطفال غزة الذين فقدوا حقهم في التمدرس وفي الغذاء وفي النوم وفي الحياة الكريمة. فنرفع إليهم عبارات الاعتذار لما وصلت إليه الإنسانية، وننظر إلى الفن كبديل عن الأصوات الخافتة وعن الصمت المطبق. إنني أدعوكم، فنانين ومبدعين، إلى تذكر أهلنا في غزة والنضال بفنكم من أجل السلام والحرية لفلسطين”.
كما قامت وزيرة الثقافة والفنون ـ بالمناسبة – بتكريم الفنان الاسباني بيدرو روخو بيريز والباحثة الأمريكية أليكسندرا غايدن تورك، وكذا الفنانتين حنان بن مديوني ونجاة بلعباس، بالإضافة إلى الكاتب الصحفي والسيناريست بوخالفة أمازيت.
ويجمع المهرجان بين الترفيه والفن التشكيلي والرسم، من خلال برنامج ثري بالأنشطة والمعارض والورشات البيداغوجية، إلى جانب فضاءات العارضين، منافسات ألعاب الفيديو، وعروض “الكوسبلاي” التي تجذب جمهورا واسعا من الأطفال والشباب.
وتؤكد هذه الطبعة الجديدة مكانة الشريط المرسوم كفن جامع ووسيلة ثقافية وتربوية تسهم في تنمية الخيال لدى الناشئة. وقد شهدت الأيام الأولى برمجة محاضرات نوعية أبرزت أهمية هذا الفن، وفتحت نقاشات فكرية عميقة مع باحثين وفنانين من الجزائر وخارجها.
في السياق، استُهلت الندوات بمحاضرة تناولت حضور الإنجليزية في الشريط المرسوم الجزائري، تلتها جلسة خُصصت لتجربة الفنان الراحل محمد عرام، حيث تحدث كل من لزهري لبتر ورضا منسل عن مسيرته من الشريط المرسوم إلى الرسوم المتحركة. كما نُشطت جلسات حول “غزو الذكاء الاصطناعي للشريط المرسوم”، و«كوميك باليستينو”، فضلا عن نقاش حول واقع النشر في مصر، وقراءات مقارنة بين تجارب الجزائر وتركيا واليابان.
وفي سياق موازٍ، يعرف اليوم (السبت) برمجة محاضرات عن حضور الشريط المرسوم في الكاميرون، ومفرداته باللغة الأمازيغية، إلى جانب نقاش حول صداه في الولايات المتحدة الأمريكية. كما ستتخلل اليوم منافسة كوسبلاي جديدة، قبل أن يختتم بسهرة موسيقية يحييها جوق “جوقولاتور”.
ويُعدّ “فيبدا” من أهم المهرجانات الدولية في إفريقيا والعالم العربي المخصصة للفن التاسع، ويواصل في طبعته السابعة عشرة ترسيخ حضوره كفضاء للإبداع والتبادل الثقافي بين مختلف المدارس والتجارب، مؤكدا أن الشريط المرسوم ليس مجرد وسيلة ترفيهية، بل لغة بصرية عالمية تعكس قضايا المجتمعات، وتفتح آفاقا رحبة أمام الأطفال والشباب لاكتشاف طاقاتهم الإبداعية.
يذكر أنه، تمّ الإعلان عن الفائزين في مسابقة الشريط المرسوم للشباب الموجهة لفئة أقل من 16 سنة، حيث عادت المرتبة الأولى لعبد الرحمن مهيبل عن عمله “حراس الليل” والثانية لآنيا ساسي عن عملها “آنيا سمكة كاسانغو”، في حين توج بالمرتبة الثالثة رياض بوتمور عن عمله “عطلة سيبس”.
وفي مسابقة أحسن مشروع في فئة أكثر من 16 سنة، فاز ياسين سليمان أوشان بالجائزة الأولى عن عمله “جمال بن سماعين”، بينما عادت المرتبة الثانية لطوبال معمر عن عمل بعنوان “سطوح الجزائر” والثالثة لبن يوسف عباس كبير عن عمله الذي حمل عنوان “تاكفاريناس”.
أما المسابقة الدولية للمؤلف المحترف، فقد عادت جائزتها الأولى إلى حكيم طويلب من الجزائر عن عمله “لا تنظر في المرأة”، في حين كانت الجائزة الثانية من نصيب يومبي مونتي من الكاميرون عن عمله “شغفي الرقص”.
وقد هنأت وزير الثقافة والفنون مليكة بن دودة الفائزين في المهرجان الدولي للشريط المرسوم “تقديرا لما قدموه من أعمال مبدعة تعكس غنى الخيال، وعمق التعبير الفني، وثراء المشهد الثقافي الجزائري”. مشيرة إلى أن هذا التتويج يمثل محطة مضيئة في مسار فن الشريط المرسوم، ودعامة جديدة لترسيخ الإبداع كرافد من روافد الثقافة الوطنية.



