صــورة جميلــة للتكافـل الاجتماعي وتجذّر القيـم الإنسانيــة
احتضنت المحطة البرية الشرقية لمدينة جيجل، حملة صحية وتوعوية متعدّدة الأبعاد، نُظّمت بمبادرة من جمعية الرؤية، بالتنسيق مع المؤسسة العمومية الاستشفائية، المؤسسة العمومية للصحة الجوارية، مديرية النقل، إدارة المحطة البرية، وعدد من الجمعيات الفاعلة، على غرار جمعية الوعي واليقظة لمكافحة الآفات الاجتماعية، بالإضافة إلى مساهمات فردية وشبابية تطوعية، شكلت في مجموعها لوحة تكافل حقيقية، عكست مدى تجذّر القيم الإنسانية داخل المجتمع المحلي.
الحملة اتخذت شعار “قطرة من دمك تنقذ حياة غيرك”، تميزت بمشاركة واسعة للمواطنين من مختلف الفئات والأعمار، حيث لم يقتصر الحضور على فئة معينة، بل شمل فئة المسافرين ومرتادي المحطة البرية وحتى العاملين بها، والذين أبدوا تجاوبا مع مجمل فعاليات المبادرة، وكان التبرّع بالدم في صدارة الأنشطة، حيث أقبل عدد كبير من المواطنين على تقديم هذه الهبة الحيوية، ما أسفر عن جمع عدد معتبر من أكياس الدم، سيتمّ توجيهها إلى بنك الدم بالمؤسسة الاستشفائية بجيجل، في خطوة من شأنها أن تساهم في سدّ جزء من الاحتياجات اليومية للمستشفيات، لا سيما في ظل الطلب المتزايد على الدم في العمليات الجراحية والحالات الاستعجالية.
وهذا التجاوب الواسع، جاء نتيجة لعمل تحضيري وتوعوي مكثف سبق الحملة، ساهمت في تعبئة المواطنين وتحفيزهم على الانخراط في هذه المبادرة التي جمعت بين البعد الصحي والطابع التوعوي، وقد أبدى المواطنون ارتياحهم الكبير لجودة التنظيم وسلاسة الإجراءات، خاصة كبار السن الذين استفادوا من خدمات الفحص المجاني للضغط ونسبة السكر في الدم، وهي خدمات قدمتها أطقم طبية مختصة كانت حاضرة بقوة في عين المكان لتأطير العملية والرد على استفسارات المواطنين وتقديم التوجيهات الصحية الضرورية.
وفي جانبها التوعوي، أولت الحملة حسب القائمين على إنجاحها، أهمية بالغة للتحسيس بمخاطر تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، وذلك من خلال التواصل المباشر مع الشباب، وتوزيع مطويات إرشادية وملصقات توعوية، تضمّنت معلومات دقيقة وواقعية حول التأثيرات السلبية لتعاطي هذه السموم، ليس فقط على المستوى الصحي، بل أيضا على الصعيدين الاجتماعي والنفسي، وتميزت الحملة بانفتاحها على الحوار المباشر مع هذه الفئة، حيث أتيحت لهم فرصة طرح تساؤلاتهم والاستماع إلى شهادات حية وتحليلات علمية، قدمها مختصون في الصحة النفسية ومكافحة الإدمان.
والحملة لم تكتف بمجرد التوعية أو تقديم الخدمات الصحية، بل كانت أيضا منصة حقيقية لترسيخ ثقافة التبرع بالدم كممارسة مواطِنة، وكسلوك حضاري يعكس وعي الفرد بمسؤوليته تجاه محيطه ومجتمعه، حيث تمّ تسليط الضوء على الفوائد الصحية التي يجنيها المتبرع ذاته من خلال هذه العملية، والتي تشمل تنشيط الدورة الدموية والحدّ من بعض المشاكل الصحية، وهو ما شجّع الكثير من المترددين على اتخاذ خطوة التبرع، مدفوعين بالوعي والاقتناع أكثر من أي دافع آخر.
وقد عبّرت جمعية الرؤية، بصفتها الجهة المبادرة، عن ارتياحها الكبير لنجاح الحملة، موجهة شكرها العميق لكافة الشركاء والمتعاونين الذين ساهموا، كل من موقعه، في إنجاح هذا العمل النبيل، بدءا من الطواقم الطبية، مرورا بإدارة المحطة، وممثلي الجمعيات، وصولا إلى المواطنين الذين لبّوا نداء الواجب الإنساني، سواء بالتبرع بالدم أو بالإصغاء والمشاركة في الفقرات التحسيسية.
إن هذه الحملة ـ توضح الجمعية ـ تمثل نموذجا متقدما للتكامل بين المجتمع المدني والمؤسسات العمومية في سبيل تحقيق أهداف صحية واجتماعية بالغة الأهمية، كما تعكس مستوى الوعي الذي بات يتمتّع به المواطن الجيجلي، واستعداده الدائم للمساهمة في كل ما من شأنه أن يعزّز الصحة العمومية، ويحدّ من الظواهر الاجتماعية السلبية التي تهدّد سلامة واستقرار الأفراد والمجتمع.







