مع اقتراب دخول الحرب الصهيونية في غزة عامها الثاني، ووسط تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع الفلسطيني المدمر، يجتمع زعماء العالم في نيويورك بدءاً من اليوم الاثنين من أجل بحث الإبادة المتواصلة، ودعم مبادرة حل الدولتين، والاعتراف بدولة فلسطين. إذ ستهيمن على الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة هذه السنة “الحرب في غزة”.
سيعقد مؤتمر اليوم على هامش هذه الاجتماعات برئاسة سعودية-فرنسية، حيث يتوقّع أن تعلن دول عدّة اعترافها بدولة فلسطين.
وكان عدد الدول التي تعهدت بالاعتراف بدولة فلسطين تزايد مؤخرا، حيث انضمت أكثر من 145 دولة إلى الدعوة للاعتراف الدولي.
فقد أعلنت بلجيكا وأستراليا والبرتغال وكندا ومالطا مؤخرا عن خطط للانضمام إلى بريطانيا وفرنسا في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ليرتفع بذلك العدد إلى أكثر من 145.
علماً أنّ معظم الدول التي اعترفت بدولة فلسطين فعلت ذلك عام 1988، عقب إعلان المجلس الوطني الفلسطيني قيام الدولة. وحذت حذوها العديد من الدول الأخرى غير الغربية في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين والعقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
وفي ربيع عام 2024، اعترفت المزيد من الدول الأوروبية والكاريبية بدولة فلسطين، بما في ذلك بربادوس وإيرلندا وجامايكا والنرويج وإسبانيا.
يذكر أنّه من أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة، تعترف 149 دولة على الأقل حتى الآن بدولة فلسطين التي أعلنها الرئيس الراحل ياسر عرفات في الجزائر عام 1988.
تحوّل تاريخي في الموقف البريطاني
هذا، وقد اعترفت أمس كل من بريطانيا والبرتغال رسميا بدولة فلسطين رغم الضغوط الأمريكية والتهديدات الصهيونية.
ويشكّل الاعتراف البريطاني حدثا هاما لأنه يمثل تحولا تاريخيا في سياسة بريطانيا التي تعتبر منذ فترة طويلة من أقرب حلفاء الكيان الصهيوني، لكن موقفها تغير مع تكثيف الأخير تقتيله للفلسطينيين في قطاع غزة.
وصرّح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في جويلية الماضي أن بلاده ستعترف رسميا بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذا لم تتخذ سلطات الكيان الصهيوني “خطوات جوهرية” من ضمنها وقف إطلاق نار في قطاع غزة. وكذلك أعلنت وزارة الخارجية البرتغالية أمس اعترافها بدولة فلسطين.
ماذا يعني تزايد الاعتراف؟
أعلنت منظّمة التحرير الفلسطينية استقلال الدولة الفلسطينية في عام 1988، وسرعان ما اعترفت بها معظم دول الجنوب العالمي. واليوم، تعترف 147 دولة من أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة بدولة فلسطينية. وكانت المكسيك أحدث دولة تعلن اعترافها بدولة فلسطينية، وذلك في جانفي 2025.
ويتمتّع وفد يمثل دولة فلسطينية رسمياً بصفة “مراقب دائم”، ولكن ليس له حق التصويت في الأمم المتحدة. وبغض النظر عن عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطينية، فإن العضوية الكاملة في الأمم المتحدة تتطلب موافقة مجلس الأمن، حيث تتمتّع واشنطن بحق النقض (الفيتو).
ومع ذلك، لدى نحو 40 دولة مكاتب قنصلية في رام الله بالضفة الغربية، أو في القدس الشرقية، ومن بين هذه الدول الصين وروسيا واليابان وألمانيا وكندا والدنمارك ومصر والأردن وتونس وجنوب أفريقيا.
وعكس ما يروّجه الكيان الصهيوني من أنّ الاعتراف هو مجرّد لفتة رمزية، فإنّ الدول التي تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية، تقول غير ذلك، و تعتقد بأن الوصول إلى إقامة دولة فلسطينية من شأنه أن يقرّ السلام بالمنطقة.
وقال فنسنت فين، القنصل البريطاني العام السابق في القدس، إن الاعتراف بدولة فلسطينية ربما يتطلب أيضاً من الدول مراجعة جوانب من علاقاتها مع الكيان الصهيوني.
وأضاف أنه في حالة بريطانيا، قد يؤدّي ذلك إلى اتخاذ خطوات مثل حظر المنتجات القادمة من المستوطنات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبعد عقود ظلّت سلطات الكيان الصهيوني تقول رسمياً إنها ملتزمة بعملية سلام تفضي إلى دولة فلسطينية، صارت تحكمها الآن حكومة يمينية هي الأكثر تطرفاً في تاريخها، وتضم أحزاباً تقول إن مهمتها هي جعل حصول الفلسطينيين على دولة أمراً مستحيلاً.
وتعارض الولايات المتحدة بشدة أي خطوة من حلفائها الأوروبيين للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. وردّت بفرض عقوبات على مسؤولين فلسطينيين، وألغت تأشيرة دخول الرئيس محمود عباس لحضور اجتماعات الجمعية العامة الأممية، لكنه سيقدّم مداخلته عن بعد.