تحوّلت ظاهرة تمزيق الكراريس والكتب المدرسية من قبل التلاميذ نهاية كل موسم دراسي ورميها في الطرقات وأمام مداخل المؤسسات التعليمية إلى مشكلة مجتمعية فعلية تستدعي تحليلا ودراسة اجتماعية ونفسية معمقة، حسب مطالب الكثير من المختصين باعتبارها سلوكا يعبر بالفعل عن تصرفات وردود فعل تحمل الكثير من الرسائل اما بسبب ضغط الامتحانات وكثافة المقرر أو بسبب تراجع مكانة العلم وقدسيته في المجتمع وضعف تأثير مؤسسات التنشئة.
أطلقت وزارة التربية الوطنية ومعها مديريات التربية على مستوى الولايات وكافة الفاعلين من هيئات وجمعيات أولياء التلاميذ والأسرة التربوية حملة تحسيسية توعوية في الوسط المدرسي تحت شعار “أنا أحترم العلم المدوّن في كراسي، أحافظ على البيئة ومحيط مؤسستي”، تهدف إلى حماية التلاميذ من السلوكيات الدخيلة على المدرسة الجزائرية التي زادت توسعا وانتشارا بعدة صور وأشكال من أبرزها ظاهرة تمزيق الكراريس والكتب المدرسية في نهاية امتحانات الفصل الثالث والموسم الدراسي، ورميها في الشوارع والطرقات وامام مداخل المؤسسات التعليمية، مع اقتراح حلول بديلة بتخصيص قاعات ومخازن لحفظها داخل المدرسة.
كما تهدف الحملة أيضا إلى رفع مستوى الوعي والمسؤولية لدى التلاميذ وأوليائهم بضرورة الحفاظ على مثل هذه الكنوز المشتركة بين التلميذ والمؤسسة وتشمل كراريس، كتب وحتى وثائق مدرسية والعمل على حماية البيئة وتعظيم دور المدرسة واهميتها في التنشئة الاجتماعية السليمة وترقية سلوكهم حتى يؤثر ايجابا على البيئة المدرسية والمجتمع، مع دعوة كافة الفاعلين الى الانخراط في هذه الحملة بهدف إنجاحها، والتقليل من الآفة الدخيلة برأي الكثير من المختصين بسبب تأثير العولمة ومواقع التواصل الاجتماعي التي أوجدت سلوكيات وظواهر جديدة وسط الأطفال والتلاميذ لم تكن موجودة لدى الأجيال السابقة التي تحرص كل الحرص على جمع والحفاظ على مثل هذه الذكريات الجميلة التي ترمز الى مرحلة تعليمية مهمة في حياة الانسان.
وقد شهدت حملة وزارة التربية الوطنية التي انطلقت على مستوى ولاية بومرداس تنسيقا ميدانيا مع عدة هيئات فاعلة كالمرصد الوطني للمجتمع المدني، إلى جانب جمعيات أولياء التلاميذ والمؤسسات المختصة منها دار البيئة التي شرعت في تنشيط التظاهرة والاقتراب اكثر من التلاميذ بالمؤسسات التعليمية لتحسيسهم بأهمية الحفاظ على رصيدهم العلمي والمعرفي المدون في الكراريس بما يصون قدسية العلم والمعرفة التي يسعونا لأجلها والابتعاد عن كل السلوكيات السلبية والمظاهر الدخيلة التي تغزو الوسط المدرسي والمجتمع ككل، وتقديم بعض الحلول المقترحة بإعادتها الى المدرسة التي ستقوم لاحقا بتسليمها إلى مؤسسات صناعية من أجل الرسكلة وإعادة تدوير هذه المادة الأولية أو تسليم كتب بديلة فائدة التلميذ في اطار تشجيع ثقافة المطالعة.