تحرير الأرشيف من قيود البيروقراطية
سلطت، أمس، حصة موعد مع التاريخ التي ينظمها المتحف الوطني للمجاهد الضوء على كيفية قراءة التاريخ زمانا ومكانا، وذلك بمشاركة نخبة من الأساتذة، وتم التأكيد على ضرورة الاعتناء بالذاكرة، وتحرير الأرشيف من قيود البيروقراطية.
في تدخلهم قدم عمار طالبي وعبد الكريم مناصر، ومحمد قورصو وآخرون، مقارنة بين ما يحدث اليوم من حراك شعبي يطالب بالتغيير وحمل الراية الوطنية التي لها امتداد تاريخي في الماضي والحاضر، وكذلك المستقبل بما حدث في مواجهة الإستعمار.
في هذا الاطار أكد محمد قورصو، أن العلم الوطني أصبح لباس كل الجزائريين في الحراك الشعبي السلمي، وذلك لما له من رمزية وطنية وتاريخية، مضيفا أن الراية الوطنية خرجت من أعماق المجتمع وهي تعبر عن إنتقالها من المؤسسات الرسمية إلى رغبة في التغيير الجذري، مشيرا إلى أن الحفاظ على الذاكرة يتجلى في حمل كل المواطنين للراية الوطنية عبر المسيرات الشعبية، بعدما كانت في السابق تقتصر على مناسبات معينة.
وتمثل مسألة قراءة التاريخ أيديولوجيا عبئا كبيرا يواجه الباحثون والذاكرة الوطنية على وجه الخصوص، حيث ذكر أستاذ التاريخ عبد الكريم مناصر، أن الجزائري أصبح يشكك في تاريخه، لأن الكثير من الشهادات أو المذكرات تمت كتابتها انطلاقا من فكر إيديولوجي رغم أنه لم يذكر بالتحديد أي فكر يشكل خطرا على ذلك، وأوضح أن عدة شخصيات وطنية قدمت قراءتها للتاريخ وفق نزوة شخصية، ومن زاوية غير موضوعية، تعد خطرا على الذاكرة الوطنية.
وتعتبر الدراسة الأكاديمية للتاريخ، هي الأصح والأقرب للوصول إلى الحقائق التاريخية بمصداقية حسب الأستاذ مناصر، لأن ذلك هو الحل الوحيد لدراسة الأحداث بموضوعية، بعد تفشي ظاهرة عدم التدوين لدى الجزائريين، ولما لذلك من تزييف للحقائق، كما أنه يخلق إختلافا في الآراء.
على الرغم من محاولة الباحثين للتثبت من الحقائق، أكد الدكتور عمار طالبي نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أنه لا تزال هناك شبهات حول وقائع ثورتنا، وذكر قضية إغتيال الشهيد مصطفى بن بولعيد، التي ما زالت حسب رأيه يكتنفها الغموض، متسائلا «كيف تمكن الإستعمار الفرنسي من التخطيط لقتله رغم السرية التامة حول شخصيته».
وذكر طالبي أن تحرير التاريخ يجب أن يكون من صنع الجزائريين بعيدا عن الإختلاف، والتوحد على إحيائه بعيدا عن النزوات الشخصية، وأكد أن العمل لتأريخ كل الأحداث يحتاج إلى جهد كبير ودراسات معمقة، وليس الإعتماد على أرشيف المستعمر فقط، داعيا إلى تحرير بعض العقول الجزائرية من الارتباط بالفكر الاستعماري.