بكل فخر وحزن، ودّع العالم الإنساني طبيبةً لم تكن كغيرها، بل كانت ضميرًا نابضًا بالرحمة، وقلبًا يحمل أوجاع الأمة في يديه، ويمضي بها نحو الشفاء. ارتقت إلى علياء المجد الشهيدة الدكتورة حلا الدليمي، وهي تؤدي أقدس المهام في أرض العزة والجراح – غزّة.
الدكتورة حلا، الطبيبة العراقية، لم تكن بحاجة لأن تكون هناك، لكنها اختارت أن تكون في قلب المعركة، مع المكلومين والمحرومين، تُسعف الجرحى، وتضمّد الجراح، وتنتصر للحق بلسانها وسماعتها ومشرطها..كانت جزءًا من فريق إغاثي يعمل بالشراكة مع الأمم المتحدة، وواجهت بوجهها الحاني آلة الحرب الصهيونية الغاشمة، فكانت رسالتها أبلغ من كل بيان.
لم تكن بندقية بيدها، بل ضمادة، ولم تكن تنطق بالشعارات، بل بالأفعال. وفي لحظة غدر معتادة من الاحتلال، امتدت يد القتل لتصيبها، لأنها تهدد مشروع الإبادة بالخلاص، وتُربك حسابات العدو بإنسانيتها.
استُهدفت لأنها طبيبة، لأنها عراقية، لأنها عربية، ولأنها لاجئة العدالة في زمن تواطأ فيه الكثيرون. ارتقت الدكتورة حلا، ولكن اسمها لم يرتحل. بل سيظل محفورًا في ذاكرة الأحرار، وسيُدرّس يوماً في صفحات الطب، ليس فقط كمهنة، بل كموقف ومبدأ وشهادة.
يا حلا، لن ننساكِ. سيبقى صوتك في أروقة المستشفيات، وأثرك في قلوب زملائك، وصورتك في عيون الأطفال الذين أنقذتِ حياتهم. رحمك الله شهيدة الواجب الإنساني، وجعل مقامك في عليين مع النبيين والصديقين. سلامٌ عليكِ يوم وُلدتِ، ويوم وقفتِ في وجه الظلم، ويوم ارتقيتِ شهيدةً في سبيل الحق والإنسان.
- ناشط وكاتب عربي فلسطيني، عضو الأمانة العامة للشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام