«الشعـب» تستطلع آراء سكان المداشر بولايتي الشلف وعين الدفلى

رغبة كبيرة في إنجاح الانتخابات الرئاسية

و.ي. أعرايبي

سجلت «الشعب» من خلال رصدها آراء الجامعيين وسكان المناطق الريفية بولايتي عين الدفلى والشلف، رغبة كبيرة في إنجاح العرس الانتخابي للرئاسيات، التي يراها هؤلاء محطة لاستكمال طموحهم وتحقيق أمانيهم، وتجديد الرغبة في توسيع أنشطتهم الفلاحية وضمان استقرارهم، بعدما استفادوا من سكنات ريفية غيّرت مجرى حياتهم، يقول محدثونا في عدة مواقع من البلديات المعزولة التي رصدنا فيها أجواء التحضيرات.

المشاهد التي سجلناها في عينة من البلديات، والتي لا تختلف عن مثيلاتها في مناطق ولايتي عين الدفلى والشلف، ألفناها في الماين وتاشتة وتبركانين وعين التركي وعين بويحي ووادي الفضة وبني راشد وبني بوعتاب وتاجنة والحجاج والكريمية وبريرة وغيرها، والتي مازالت متشبثة بالمواطنة الحقة التي تفوق تلك الموجودة بالمناطق الحضرية.
ولا يختلف الأمر بالنسبة للطبقة المثقفة من جامعتي خميس مليانة وحسيبة بن بوعلي بالشلف، عما لمسناه لدى سكان الأرياف، رغم تواضع مستواهم الثقافي والظروف الاجتماعية المحيطة بهم، يقول الشيخ عمر من منطقة الجواهرة ببلدية الماين القابعة بين السلاسل الجبلية والغابية المحاذية لمناطق ولاية تسمسيلت من جهة الجنوب الغربي لولاية عين الدفلى، «نحن هنا نضحي من أجل ما كافحنا عليه طوال سنوات الجمر، وفرضنا وجودنا لتحقيق ما استفدنا منه من سكنات ريفية أعطتنا الفرصة للمّ شمل العائلات التي هددها الإرهاب بالنزوح لكنها قاومت».
وأفاد في نفس السياق، أن الأمر يتعلق بـ»مكسب لن نتنازل عنه، بالرغم من النقائص التي مازلنا نعاني منها، فنحن هنا لاستكمال المسيرة التنموية، التي ضمنت لنا، وذهب رفيق دربه الحاج قويدر، الذي رجع من تسوقه بمركز البلدية في نفس الاتجاه.
المشهد نفسه سجلناه بمنطقة بطحية التي كانت إلى وقت قريب شبه خالية، وعادت إليها الحياة كمقر لدائرة تبعد عن عاصمة الولاية بأزيد من 75 كلم، «الاستقرار والأمن هو ما كنا نحلم به ولما تحقق أتظن أننا نفرط فيه، هذا محال، هذا محال؟»، هذه العبارات جاءت على لسان عمي الحاج حباس، وكأنه يقول للذين يحاولون زرع فتنة المقاطعة «أصمتوا نحن عانينا كثيرا بهذه الجهات المنعزلة»، وهي العبارة التي رددها محمد، الذي قادنا الى إحدى الجهات الشاهدة على تصديه للإرهابيين، «لا أريد تكرار مآسي التسعينيات، سننتخب من أعاد لنا روح الحياة ونعطي درسا للمشككين».
الرحلة التي قادتنا لمعاينة هؤلاء السميدعيين والليوث الكاثرة، فرضت علينا التوجه مع انتصاف النهار نحو تبركانين، البلدية  التي عرفت نموذج التنمية الريفية المستدامة بكل من بني حيي والكرامة والبقلة والحجاج، كما يقول رئيس بلديتها محمد كرشوش الشاب، تجرع معنا مرارة الحياة يقول المدعوان «علي. ص» 65 سنة و»ك.ق» 55 عاما من منطقة بني حيي لعودة الحياة لهذة الدشرة التي تقع جنوب مركز البلدية على مسافة 16 كيلومترا، «توفر النقل المدرسي والمسكن الريفي وقاعة العلاج والدعم؛ شروط تدفعنا لجعل يوم الانتخابات عرسا نعترف فيه لدولتنا وهي آمنة بالفضل وسنرفعها عاليا».
وهي نفس النبرة التي تحدث بها سكان تاشتة ومنطقة بوعروس ببلدية عين بويحي، الذين تحدثوا عما أسموه بـ»بمشاركة آبائهم في الانتخابات ولم ينقطعوا عنها منذ سنين طويلة»، بحسب الجيلالي، عامل يومي بحقول البطاطا بمنطقة زكاكرة.
فيما أشار سكان عين البنيان المحاذية لجبال زكار بمنطقة مليانة، إلى أن «صبرهم وولاءهم لحب الوطن الذي دافعنا عنه أوقات المحن، فكيف نتخلى عنه أيام الأمن والاطمئنان، فكلنا رجال ونساء سنقول كلمتنا ولا نحتاج من يقدم لنا درسا في حب الوطن والتضحية، من أجله يشير «جمال.ك»، 61 سنة، وزميله من قصر الرمان الواقعة شرق مركز البلدية.

معاناة عشرية…  ذكرى مؤلمة

ولا يختلف طموح أبناء المناطق الريفية بعين الدفلى عن نظرائهم في ولاية الشلف، التي عانت هي الأخرى مآسي الغبن وويلات التنكيل والتهجير التي انتهجتها الجماعات الدموية، غير أن انتخابات 1999 كانت الفاصلة في رفع صوتهم عاليا لصالح البناء والتشييد، ووضع المؤسسات الدستورية كالانتخابات الرئاسية كشرط لقيادة البلاد والعباد، على حد زعم أسد الونشريس «سليمان الغول»، كما يلقبه المجاهدون وأبناء منطقة وادي الفضة، التي يضرب بها المثل في المشاركة الانتخابية والإقبال على الصناديق، حيث لا يحتاج سكانها لحملات التوعية والتحسيس، بحسب كركود عمر، من منطقة كوان وعبد القادر وإخوته بذات الدشرة من الذين لازالوا من النماذج التي تتزاحم على أداء واجبها الانتخابي بمدرسة شجرة قاقة كما يسمونها، بحسب أقوالهم.
 فسكان منطقة بني راشد، مركز زلزال الأصنام سابقا والشلف حاليا، دأبوا على إنجاح المواعيد الانتخابية ببساطة، بحسب تصريحات بعض مواطنيها، التي سجلناها بالمقهى المقابل لمسجد مركز البلدية، حيث أكد لنا هؤلاء: «نحن في حاجة الى قيادة تستكمل مسار التنمية، وتحقق ما بدأنا في استثماره خلال السنوات المنصرمة، خاصة بمنطقتنا البعيدة عن مركز الولاية بـ25 كيلومترا وعن مقر البلدية بـ23 كلم، لكن المكاسب التي حققناها، من مؤسسات تربوية وثانوية ومشروع ملعب ومكتبة وعمارات في منطقة قيل عنها إنها مركز الزلزال ولا تصلح لأي شيء صار من الماضي، حيث عادت منطقتنا الجبلية كبقية المدن ولذا فنحن مستعدون لإعطاء الدرس لأعدائنا وبقوة، يشير خالد، العامل، رفقة أحد المستفيدين من مشاريع دعم وتشغيل الشباب.
وإذا كانت واقعية تصريحات سكان منطقة بني راشد، بحسب ما نعرفه عن تحدي أبنائها زمن الجحيم الإرهابي، فإن سكان تاجنة بالناحية الغربية لعاصمة الولاية، التي وقفنا على ردود مواطنيها ذات مساء بارد، نسوا هاجس مجزرة التسعينيات التي هجّرت أبناء المنطقة، بعدما لقي سكانها كل الدعم ضمن البرامج السكنية، يقول سفيان ومعمر وأسامة، ممن أنهوا واجبهم الوطني بالخدمة العسكرية، ليتفرغوا إلى مشروع مشترك في القطاع الفلاحي والذي صار مصدر رزقهم، «لسنا مستعدين لتضييعه، خاصة بعد الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة، بشأن التعاطي مع القروض ودفع المستحقات التي جاءت في وقتها». ولتدعيم هذه المكاسب، فإن مشاركتنا في الموعد الانتخابي لا يخرج عما اعتدنا عليه خلال المواعيد السابقة، فنحن ننتظر 17 أفريل بفارغ الصبر لنبرهن للعالم، أن الجزائر لازالت واقفة ولا يمكن إلحاقها بما يجري بالمحيط العربي والذي يتخبط في المآسي، هكذا أراد سفيان وزملاؤه الرد على المناورين، كما معمر ابن 34 سنة والعامل بإحدى مركبات النقل الريفي بذات الناحية.
سكان الكريمية وبني بوعتاب، بأقصى جبال الونشريس، التي كانت معقلا للمجرمين ولازالت بين سفوحها بعض بقايا هذه الجماعات الدموية، يشاطرونهم الرأي، من منطلق واجبهم تجاه من وفر لهم السلاح في الدفاع عن أنفسهم وأعراضهم، بحسب ما قال لنا بعض المواطنين الذين التقيناهم بمحطة النقل الريفي بالكريمية، يفرض علينا جعل من المواعيد الانتخابية أعراسا حقيقية نعيد فيها الوفاء للوطن والإخلاص لمن رأب الصدع بين أبناء الأسرة الواحدة التي شتتها الإرهابيون، فالمصالحة بالنسبة لنا مكسب لا ينبغي الاستهانة به وتمييعه، فهي روحنا بهذه المنطقة الصعبة من حيث تضاريسها.
أما بمنطقة بريرة، الموجودة بأقصى الريف الشمالي للولاية، فطابعها الفلاحي المختص في الزراعة البلاستيكية، منح لسكانها التفكير في الاستقرار وإحداث مشاريع تنموية فلاحية ذات طابع استثماري، ولن تتحقق هذه الأمنية إلا بالمحافظة عما تحقق من إنجازات التي يضمنها التوجه السياسي التي تستعد بلادنا لتفعيله من خلال الانتخابات، عاهدنا على أن نكون في الموعد رغم قساوة الظروف المناخية في كثير من الأحيان، مبدين تهجمهم على أولئك الذين يصطادون في المياه الملوثة.
ولم نكن نتوقع هبّة الطلبة الجامعين، سواء بالشلف أو عين الدفلى، عندما طرحنا عليهم سؤالا: ما موقفكم من انتخابات 17 أفريل القادم على ضوء ما تروّجه بعض الأطراف من مقاطعة هذا الحدث الهام؟ لم ننته من طرح السؤال، حيث قاطعنا إيهاب من منطقة وادي الشرفة: عن أي مقاطعة تتحدث؟، أين كان هؤلاء عندما خرج المواطنون بصدورهم عارية للمطالبة بإحلال السلم والمصالحة والتصدي لزارعي الفتن؟ «لا نقبل من يعطينا دروسا في صون كرامة الوطن والإقبال على صناديق الاقتراع»، يضيف طالب من كلية الحقوق.
 
موعد مصيري...

فيما اعتبر عبد المجيد، سنة ثالثة جامعي، موعد 17 أفريل مرحلة لتجديد العهد مع استكمال المسار التنموي،» لذا حق على المواطنين وخاصة الأسرة الجامعية، أداء واجبها الانتخابي الذي تتطلع إليه الأمة»، يشير محدثنا، الذي كان مرفوقا بـ»وسام.ك»، اختصاص علوم الأرض، والتي أكدت لنا أن قيامها رفقة عائلتها بمليانة بأداء واجبهم «شيء مقدس يعكس مواطنتي وتعلق بخيارات الشعب الذي يريد الأمن والاستقرار والمحافظة على تيرة التنمية وتحقيق مشاريع الشباب».
هي النظرة التي لمسناها رغم انشغال الطلبة بالشلف بموعد الامتحانات المصيرية التي لا تقل أهمية عن إنجاح الانتخابات، التي تضمن استمرار السياسة التنموية التي توفر مجالا للعمل وفتح مناصب شغل لأمثالي، يقول زهير، من بلدية تنس - سنة ثانية فرع آداب - فتشييد هذه الهياكل الجامعية بما فيها القطب الجامعي لأولاد فارس والشروع في إنجاز المعهد الوطني لعلوم البحر بمنطقتنا، يستوجب منا - يضيف زهير - تثمين كل مبادرة من شأنها تفويت الفرصة على المتربصين بالمكاسب والنيل من النجاحات التي تبوأتها بلادنا التي صارت تسيل لعاب الغيورين وأعداء الوطن في الداخل والخارج، فالشباب الجامعي لا يتأخر عن المواعيد المصيرية، خاصة عندما يشمّ رائحة التلاعب بمستقبله، يقول سمير ثانية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024