نقطة إلى السطر

«اللمة».. افتراضية في زمن الوباء

فتيحة كلواز

 افتقدت العائلة الجزائرية في أولى أيام الشهر الفضل اللمة العائلية التي جعلت منها الإجراءات الوقائية والاحترازية في خانة الممنوعات لأنها تدخل تحت طائلة التجمعات التي يجب تفاديها لمنع أي انتقال للعدوى الى افراد العائلة الواحدة خاصة الجد والجدة وافرادها الذين يعانون امراضا مزمنة، لكن ورغم كونها من التوصيات التي أكد عليها المختصين الا ان كبار السن لم يستسيغوا بعد رمضان دون ضحكات الاحفاد واجتماع الأبناء في بيت كان في يوم من الأيام منزلهم الوحيد.
ربما الامر متعلق هنا بالعادة التي توارثتها الأجيال منذ قرون طويلة، و فمن جيل الى جيل كان الجد والجدة « عرسة الدار» و عمود الخيمة الذي لا تثبت روابط الاخوة من دونها، فهما أساس وقاعدة اللمة العائلية و لنا في الكثير من الاسر التي تفرقت وفقدت معالمها بمجرد وفاة الاب و الام ( الجد و الجدة)، و لان الأغلبية الساحقة من هذه الفئة غير «مُحينه» تكنولوجيا لا يمكن لـ «الواتساب» او «الفايبر» او حتى الـ «ايمو» اشباع حاجتها العاطفية لوجود الأبناء والأحفاد معهم، لانهم بالنسبة للجد والجدة  اكبر من صلة الابوة التي تربط بينهما فالأبناء غالبا ما يجسدون أحلام ابائهم التي عجزوا عن تحقيقها على ارض الواقع.
يجب ان يقتنع الآباء ان إجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي مفروضة لسلامة مجتمع كامل، ولولا ذلك سيكون علينا امتلاك الشجاعة الكافية لرؤية احبائنا يموتون بهذا الوباء ، لذلك كان على اباؤنا التعود على رمضان بلا لمة او سهرات رمضانية في انتظار ما تفضي اليه قابل الأيام، فربما سيكون القادم افضل بتخفيف إجراءات الحجر الصحي خاصة وان بعض الدول بدأت في تفعيل هذه الخطوة، والجزائر واحدة من الدول التي استطاعت من خلال اتخاذها لإجراءات استباقية بوضع مخطط استعجالي لمجابهة فيروس كورونا قبل تسجيل أي إصابة عندها في الحد من انتشار الوباء الذي بقي تحت السيطرة الى حد الان.
 ربما سيكون نافعا ان حاولنا التفكير بإيجابية اتجاه رمضان في زمن الكورونا لان العلاقات الاجتماعية التي حبسها الفيروس و الزمها العالم الافتراضي، هي اثبات على انها روابط لا تزيحها المسافات او الظروف الاستثنائية، بل يجب على الآباء ان يتحلوا بالوعي ليتأكدوا ان مجرد التكلم الى أبنائهم واحفادهم من خلال التطبيقات المختلفة هو بمثابة طمأنة حقيقية لهم ومباشرة على ان فلذات اكبادهم في صحة جيدة خاصة وان الدراسات الأخيرة اثبتت وجود حالات إصابة لا يظهر عليها الاعراض لكنها ناقل خفي للعدوى، ما يعني وجود خطر علامته غير واضحة لذلك كان من البديهي التزام البيت مع اتخاذ كل التدابير من اجل تباعد اجتماعي ستكون نتائجه فارقة في الأيام القادمة.  

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024