داء تهزمـه الإرادة والعزيمـة

الدّعــم المعنوي نقطـة فاصلـة في رحلة العـلاج

   قصص ترويها نساء نجحن في الخروج من نفق مظلم أدخلن فيه قصرا بعد إصابتهن بسرطان الثدي، تسلّحنّ بالإرادة والعزيمة القوية للانعتاق من قيود اليأس والاستسلام للاكتئاب. مليكة وفلة ترويان تفاصيل رحلة علاج كانت الإيجابية سببا لميلاد جديد بعد أن هزمتا داء يظن أغلب الناس انه قاتل.
مليكة...»بالإيجابية هزمت السرطان»
«بدأت قصتي مع سرطان الثدي عندما تمّ تشخيصي الأول وعمري لم يتجاوز 41 سنة، لم أكن أشعر بأي شيء غير طبيعي في صدري، ولم يكن لدي أي سبب للاعتقاد بأنّ سرطان الثدي يداهمني..»، تقول مليكة -س التي علمت بإصابتها بسرطان الثدي صدفة، خلال زيارتها طبيبة نساء، حيث لاحظت الطبيبة تغيراً في مستوى الصدر، فحولتها إلى المختبر لإجراء فحوص، فتبين أنها مصابة بسرطان الثدي وفي مرحلة متقدمة.
انهارت مليكة، خاصة أن أولادها يحتاجون إلى رعاية وهي وحدها في ولاية بعيدة عن أهلها واقاربها بسبب عملها، لم يكن أمامها أي خيار آخر غير الجراحة، تحلت بالشجاعة وقررت دخول المستشفى، حيث تم استئصال الثدي بعد أن استغرقت العملية أكثر من 5 ساعات، وبعد ذلك خضعت لجلسات العلاج الكيمائي، تألمت وشعرت بالإعياء، لكن قوة إيمانها وصبرها جعلاها تتحدى المرض وتنتصر عليه.
مليكة التي أصيبت بالمرض قبل 10 سنوات تتجاوز اليوم منطقة الخطر، وقررت أن تكون فاعلة في المجتمع الذي تعيش فيه وتساعد كل النساء، حيث قالت: «علّمني سرطان الثدي كيف أكون إيجابية، وأساعد كل من حولي»، وتشير إلى أنها ترغب في ترك بصمة في المجتمع الذي تعيش فيه، بعد أن مكّنها بعض من هذا المجتمع على علاجها ومساعدتها على استرجاع ثقتها بنفسها.
فقد تعلمت كيف تقدّر الحياة واستغلال كل لحظة تعيشها مع أسرتها وعائلتها، مشدّدة على أن الإنسان الإيجابي والمتفائل لا يتغلب على المحن فحسب، بل بإمكانه العيش بسعادة، وتضيف: «أنصح جميع الفتيات والسيدات بإجراء فحوص سنوية، والتدقيق في كل التغيرات التي تطرأ عليهن، تجنباً للإصابة بهذا المرض، كما أن التحلي بالشجاعة والصبر ومواجهة المرض أمر مهم جداً».
وتبعث زينة محمد، 30 سنة، أم لطفل واحد متعافية من بسرطان الثدي برسالة أمل لكل السيدات المصابات بهذا المرض، وتقول إنه «لابد من التحلي بالصبر والقوة للوقوف أمام المعوقات الصحية التي تتقلص مع الإيمان والمواظبة على العلاج بإيجابية».
وتوضّح أن حياتها اختلفت بعد إصابتها بسرطان الثدي، حيث أصبحت أكثر إشراقاً وسعادة، وتعلمت الصبر وكسبت علاقات جديدة، مؤكدة أنها شعرت بأن كل لحظة تقضيها في بيتها ومع أسرتها الصغيرة وفي عملها هي نعمة كبيرة جداً، توسّعت علاقاتها بالناس الذين ساندوها.
فلة...قوّة بعد انكسار
اكتشفت فلة - ر، 38 سنة، متزوجة وأم لثلاث بنات عرفت إصابتها في إطار حملة أكتوبر للتوعية والتشجيع على الكشف المبكر، وتوضح الموظفة بقسم الأشعة بمستشفى مصطفى باشا، أنها كانت ترغب في الكشف عن طريق الماموغرافي وتضيف: «كانت تدفعني قوة كبيرة للكشف بالرغم من عدم شعوري بأي تغير على مستوى الثدي، وطلبت من زملائي في المستشفى السماح لي بالكشف عن طريق التصوير الاشعاعي للثدي»،  وتوضح أنها توجهت لطبيبة نساء وتوليد وطلبت منها الكشف عليها، ولم يكن يراودها أدنى شك بأنها مصابة بمرض سرطان الثدي ولا توجد أي كتلة بأحد ثدييها، لكن كانت المفاجأة، حيث أخبرتها الطبيبة أن هناك كتلة وكتبت طلباً بإجراء بعض التحاليل بشكل عاجل.
قالت في هذا الصدد: «في نفس اليوم أخذت عينة من الثدي، وقبل أسبوع وبحكم عملي اطلعت على النتيجة التي كانت إيجابية، وتأكدت من إصابتي بسرطان الثدي، واستأذنت يومها من العمل وانصرفت للبيت، لم أخبر زوجي، وحاولت ألا أبوح بهذا السر لبناتي».
اكتشاف مبكر بين الألم من خبر الإصابة والأمل في الشفاء بنسبة كبيرة، خاصة أنها اكتشفت الورم في المرحلة الأولى، تسلحت فلة بقوة إيمانها بالله وقررت إكمال العلاج وعدم التوقف للحظة واحدة، «»عندما علمت بإصابتي كانت صدمتي قوية جداً، ودموعي تنزل في صمت على خدي، هيأت نفسي جيداً، وقبل أن تخبرني الممرضة من المستشفى كنت قد استجمعت قوتي وقررت الذهاب للعملية، وعلى الرغم من كل ما حصل فإنني أعتبر نفسي محظوظة جداً، بحيث تم اكتشاف المرض في مراحله الأولى، وهو عبارة عن ورم من النوع الهرموني، ورغم ما ألمّ بي كنت متسلحة بالإيمان».
واستطردت تروي قصتها الأليمة، «بعد فترة قصيرة أخبرت زوجي وعائلتي ووالدي الذي أعزه كثيراً، عن طريق رسالة نصية أن ابنته قوية وأنها لن ترضى إلا بنتيجة الشفاء من هذا المرض وبعلامة 100 بالمائة، وهذا العزم جعلني أقبل على العلاج وأخضع للعملية وأتمتع بمعنويات عالية جداً، وتم استئصال الورم وكان خبيثاً من الدرجة الثالثة».
 فقدان الشّعر...الأصعب
 أضافت فلة: «قررت الذهاب للمستشفى، وكنت محاطة بعناية كبيرة من الطاقم الطبي والممرضات، وكان زوجي أكبر داعم لي، وبالرغم من صغر بناتي فإنهن كن سعيدات بخدمتي، وكانت جارتي وصديقتي خير مرافق لي في جلسات العلاج الكيميائي».
وتوضح أن حياتها اختلفت بعد إصابتها بسرطان الثدي، مضيفة: «حظيت بصداقات جديدة وقدرت جداً كل من زارني وساعدني، ووقف إلى جانبي».
وتشير إلى أن أصعب اللحظات التي مرت بها أثناء العلاج، ليست الآلام الناتجة عن العلاج الكيميائي أو الجراحة وإنما فقدان شعرها، وأكدت على أهمية تقديم الدعم للنساء اللواتي يصبن بمرض سرطان الثدي، يحاولن إخفاء معاناتهن عن أقرب الناس إليهن، لأن الآخرين قد يضايقنهن بنظرة «شفقة أو تشف»، لكن هناك من تتحلى بالشجاعة وتحرر نفسها من قيود المخاوف وتعلن مرضها، بل تشارك الآخرين تجربتها، فتتزود بالقوة وتتخطى المراحل الصعبة في حياتها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19467

العدد 19467

الأحد 12 ماي 2024