رمضان في بلادهم 

فـك الخصومـات وعـودة المهاجريــن أهــم طقوسـه فـي إثيوبيــا

 لا يزال المسلمون في إثيوبيا يحافظون على طقوس شهر رمضان، وأبرزها التجمع على شعائر العبادات والمشاركة في الجلسات الجماعية. وللشهر المعظم أطعمة بعينها يحرص على تناولها الإثيوبيون، في الريف والمدن، وهو بمثابة موسم لعودة المهاجرين، الذي يعملون في الخارج، حيث يحرصون على قضاء الشهر بين ذويهم.
إثيوبيا بطبيعة حياتها جبلت على تعظيم المناسبات الدينية، وبحكم سيادة الثقافات الدينية المتنوعة لشعوبها وقومياتها، تتعاقب الأعياد على مدار العام متباينة الطقوس والمعاني، ويتأثر الناس بعضهم ببعض في تبادلها بحكم التداخل والقرب الاجتماعي، سواء في المدن أو الأرياف.
ويتبادل الأهالي التهنئة لحلول الشهر الكريم، ويتسامح المتخاصمون، ويتهيّأون لتزكية النفوس والأبدان، وكما هو معلوم فإنّ الصيام يجهد البدن، ولابد من تعويض هذا الجهد لكي ينشط الجسم للطاعة والصلاة، ولهذا يعتمد أهل الأرياف في مأكولاتهم على الأصناف الدسمة من اللحوم، والحليب بمشتقاته، من زبادي وسمن، وكذلك يتعاطون عسل النحل، ويشربون القهوة بإسراف في البيوت والتجمعات.
أما في المدن فتختلف مائدة الإفطار من بيت لآخر، لكن هناك إجماع على تناول الشربة والسمبوسة. وهناك بعض المشروبات محلية الصنع من الشعير المحمص، وتعرف باسم (بُقْري)، وغيرها من المشروبات المصنوعة من الحلبة مضافاً إليها بعض عصائر الفاكهة.
وبالطبع البادية والمدينة يعتمدان بشكل أساسي على سيدة المائدة الإثيوبية (الانجيرا)، وبعض الأطباق الشهيرة مثل مرق (الشيرو)، ولكل قبيلة من القبائل أطعمتها الخاصة، سواء في عفر، أو هرر، أو جما، لكن هناك أطباق مشتركة في المدن تجمع اللحوم بمختلف مصادرها مطبوخة عادة بالبصل والشطة التي تسمى في إثيوبيا (البربري)، وهناك المقليات من فول وعدس أو المعجنات والبسكويتات المحلاة متنوعة الأشكال.
وبعد أداء صلاة المغرب يتجهّز الناس لصلاة التراويح، وفي القرى لا يغيب فتى أو فتاة عن أداء الصلاة في المساجد الصغيرة المنتشرة، حيث تمتلئ أغلبها وينتشر المصلون خارجها، ويُخصّص للنساء والفتيات ساحات مغلقة، وينافسن الرجال في تعداد الصفوف، وللشباب في القرى والمدن برامجهم الخاصة بعد أداء الصلاة يغلب فيها لعب الورق، وممارسة بعض الأنشطة الرياضية من جري وغيره».
معالجة الخصومات
 رمضان من أهم المناسبات ذات التأثير الاجتماعي، ففي القرى يجتمع الأهالي كل ليلة في أحد البيوت الكبيرة، حيث يتولى أهل البيت تجهيز مجلس القهوة، وتدور الأحاديث في شتى المواضيع، وعادة ما يحضر هذه المجالس الرمضانية شيوخ يوجّهون المجالس بأحاديثهم، وفي بعض الأحيان يحضر مسؤولون بطلب من الأهالي لتصريف مسائل دنياهم، حيث تحل تلك المجالس كثيراً من المشكلات، كما يحرص الأهالي على معالجة الخصومات مستغلين عظمة الشهر وخصوصيته، وهناك مجالس أخرى مماثلة للشباب، يتداولون فيها همومهم، ويتسلون بالألعاب البريئة التي تجمعهم إلى آخر الليل.
ويعود الأبناء المهاجرون إلى قراهم في مواسم رمضان، وتكتظ القرى بأهلها وتعيش طيلة الشهر المبارك حياة روحية تجمع بين السكن إلى الأهل وتعاليم الدين، ويُستغل الشهر لكثير من الأعمال الاجتماعية في مواجهة المشكلات وعمل المشاريع التي تساعد في تطوير القرية، ولا تزال كثير من العادات القديمة متبعة حتى الآن بعد انفتاح حياتها وتأثّرها بالعالم الخارجي.
وتشبه العاصمة أديس أبابا وغيرها من المدن الكبيرة العواصم العربية في الحياة الرمضانية، حيث يبدأ ليل رمضان بصلاة التراويح، ويسهر الناس مجتمعين ومتفرّقين في مختلف الأعمار، سواء لمشاهدة البرامج التلفزيونية، أو في مجالس الصوالين التي تجمع في الغالب رجال أعمال يتبادلون هموم أشغالهم، وإلى جانب كل ذلك هناك مجالس (القات) التي يسهر فيها روّاده ليتناقشوا في أمور دينهم ودنياهم، ويتجاذبوا أطراف الحديث حتى شروق الصباح. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024