موسم جز صوف المواشي بغرداية

عـادات اجتماعيـة متوارثـة بــين الأجيـال

 يشكّل موسم جز صوف المواشي فرصة للمربين بمختلف مناطق ولاية غرداية لإحياء عادات إجتماعية متوارثة وسط أجواء من المودة والتضامن، حيث يجمع هذا الحدث السنوي، الذي لازال يحتفى به رغم ما تفرضه الحياة المعاصرة من إكراهات عديد مربي الأغنام الذين يحذوهم الحماس الفياض والتآخي في إطار ما يعرف اجتماعيا بـ «التويزة» أو العمل الجماعي التطوعي للقيام بعملية جز صوف الأغنام.
وعادة ما تتم هذه العملية في فترة تتقارب فيها نهاية فصل الربيع مع بداية فصل الصيف بمشاركة المربين المدعوين بشكل جماعي للقيام بها في الهواء الطلق بنقاط تقع عموما على مستوى منخفضات أودية المنطقة، مثلما شرح لـ «وأج» عمي الحاج قادة أولاد العربي، وهو مربي ومسؤول في ذات الوقت بالإتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين خلال لقاء معه أثناء عملية جز الصوف بـ «السوارق»، وهي منطقة ريفية ببلدية متليلي 40 كلم جنوب غرداية.
وأكّد بالمناسبة وبنبرة من الإفتخار «أنّ التويزة تعكس قمة التضامن وكرم الضيافة في مجتمعنا، كما أنها تعد مشهدا من تراثنا الموروث عن أسلافنا»، وقد استأنفت حملات جز صوف الأغنام بعد أكثر من سنتين من توقفها بفعل الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا كوفيد-19، التي شلّت كافة مناحي الحياة الإجتماعية، مثلما لاحظ الحاج قادة.

تثمين سلالة أولاد جلال بالوسم

ينتقي ممارسو جز الصوف المتطوعون المجهزون بمقصات كبيرة مشذبة مواقع نظيفة للقيام بهذه المهمة، وهم يردّدون أثناءها أذكارا في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد تجميع قطعان المواشي ذات الصوف الكثيف، والتي جرى تسمينها خلال الفترة الشتوية، حيث يتولى أحدهم القبض على كل رأس لجز صوفها، وتخليصها من ثقل معطفها الشتوي الصوف.
وتعتبر عملية جز الصوف تقنية ضرورية و ملزمة من أجل صحة كل حيوان يحمل الصوف، كما أشار من جهته مسؤول شبكة مراقبة الأوبئة لدى المفتشية البيطرية إسحاق كتيلة، موضحا أن الأغنام قد تواجه أخطارا صحية تؤدي حتى إلى نفوقها في حال ما لم يتم جز صوفها بانتظام بسبب ارتفاع درجة الحرارة وصعوبة الحركة لديها.
ويعتبر جز الصوف عملية تتطلبها النظافة البيطرية، حيث تساهم في منع ظهور الطفيليات الخارجية، كما تسمح لجلد الغنم بالتهوية، وتلطيف درجة حرارتها وتجديد صوفها أيضا، مثلما جرى توضيحه.
وتتخلل أجواء إحياء موسم جز صوف الأغنام توزيع أطباق تقليدية متنوعة التي تعدها بعناية ربات البيوت خصيصا لهذه المناسبة، ويتعلق الأمر بالخصوص بـ ‘’الكسكسي’’ المرصع بلحم الغنم وأكلة ‘’الرفيس’’، وهي الأطباق التي عادة ما ترافقها وبدون منازع كؤوس الشاي التقليدي المحلى بالنعناع، مصحوبا بموائد الفول السوداني (الكاوكاو) أو الجبن المحلي الطري المعروف بـ «الكمارية».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024