مستغانم

مدينة متوسطية امتزجت فيها الثقافات والحضارات

تزخر مدينة مستغانم الواقعة شرق وهران بالغرب الجزائري بإرث حضاري وثقافي يعود لفترات تاريخية مختلفة ارتبطت بالبحر الأبيض المتوسط ولا تزال شواهده المادية قائمة الي اليوم.
فهذه المدينة المتوسطية مرت بحقب تاريخية مختلفة وعرفت ازدهارا ثقافيا واقتصاديا وتجاريا حيث وفد اليها الفينيقيون من شرق المتوسط وشيدوا ميناء نهريا على وادي الشلف أو ما يعرف بميناء كيزة الأثري.
وتضم مدينة مستغانم العديد من المعالم الأثرية الشاهدة على حضارات وثقافات مختلفة، فقد بنى العثمانيون بالقرب من حديقة العرصة الأثرية بأعالي المدينة «برج الترك» لحمايتها من الغزاة أنذاك،
ومن نفس المكان يمكن للزائر رؤية المدينة العربية «تيجديت» و»قصبة الطبانة» وأحياء المطمر والدرب العتيق والمساجد والحمامات والدور القديمة وعلى الجوار البنايات الحديثة التي شيدت خلال القرن الماضي.
ويعود تاريخ مستغانم الى العصور القديمة، بحسب المختص في التاريخ المحلي، نور الدين ولد الباي الذي أوضح لوأج بأن «تاريخ مستغانم موغل في القدم فقد بينت الآثار التي تعود إلى الفترة الأشولية القديمة أن الانسان استوطن هذه المنطقة في العصر الحجري، كما يبرزه موقع «وادي الرايح» الواقع ببلدية سيدي علي».

ارتباط وثيق بالبحر

ارتبط تاريخ هذه المدينة ارتباطا وثيقا بالبحر حيث كان الميناء النهري على ضفاف الشلف ببلدية سيدي بلعطار يستخدم في العهدين الفينيقي والروماني لنقل المحاصيل الزراعية من السهول الغربية في اتجاه مصبه بالبحر، وانطلاقا منه الى مناطق مختلفة من حوض البحر الابيض المتوسط.
كما كان الساحل المستغانمي ملاذا للمهاجرين القادمين من الأندلس ومرفئا للتجارة بين الضفتين وعرف أحداث مختلفة في العصور الوسطى ولاسيما منها معركة مزغران التاريخية سنة 1558 التي هزم فيها الغزاة الاسبان وكان أيضا القاعدة الخلفية للتحرير الثاني لوهران سنة 1792، يضيف ولد الباي.
وساعدت هذه الأحداث والعلاقات الاقتصادية والثقافية على تشكيل الثقافة المحلية وصقل الفنون التي تتميز بها هذه المنطقة وجعلت منها فضاء خصبا نمت فيه الملكة الأدبية للشاعر سيدي لخضر بن خلوف والصنعة الأندلسية والطرب الشعبي والسماع الديني إلى جانب حس مرهف في الفنون التشكيلية وتمكن منقطع النظير على الركح مسرح الهواة واعتناء خاص بالموروث ماديا كان أو غير مادي ليكون التاريخ مادة الثقافة ومعدنها الأساسي، كما أن الأحداث التاريخية التي عاشتها مستغانم وتعاقب الحضارات عليها جعل منها جسرا للثقافات التي حملتها الشعوب المتوسطية وصارت جزءا من ارثها المشترك الذي تجد تفاصيله في هذا البلد أو ذاك.

تجانس الثقافات صنع جمالية المدينة

من جهتها، قالت الشاعرة وحيدة الطيب إن التجانس بين مختلف المشارب الثقافية هو ما يصنع الجمالية التي تميز هذه المدينة المتوسطية مع انفتاح دائم على البحر والثقافات القادمة من هنا وهناك، واستدلت المتحدثة باللهجة المحلية التي تجمع إلى جانب اللغة العربية والأمازيغية كلمات من لغات أخرى الإسبانية مثلا أصبحت بفعل اللسان الدارج وقواعد الكلام المتداول تشكل خليطا متجانسا يصنع تراثنا غير المادي وميراثنا من الأدب العامي الذي يشمل القصة النثر والقصيدة، الحكمة وحتى الألغاز والألعاب الشعبية.
وستكون الدورة  19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط التي ستحتضنها وهران من 25 جوان الجاري الى 6 جويلية المقبل مناسبة لإبراز هذا الثراء والتنوع الثقافي حيث سيقوم قطاع الثقافة والفنون بالولاية بتكييف برنامجه الثقافي والفني بين شهري جوان وجويلية المقبلين ليتناسب مع هذه الفعاليات، حسبما ذكره مسؤول القطاع.
وقال محمد مرواني، إن مستغانم ستحتضن طبعة جديدة من المهرجان الثقافي الوطني للشعر الملحون المهدى لسيدي لخضر بن خلوف نهاية جوان الجاري، كما ستنظم قبل ذلك الطبعة الأولى لأيام فنون الشارع بالتوازي مع فعاليات تكوينية حول السينما ستقام بقاعة سينما الشيخ حمادة.
يشارك المسرح الجهوي الجيلالي بن عبد الحليم في البرنامج الثقافي والفني المرافق لهذه التظاهرة الرياضية بثلاثة عروض مسرحية، يضيف ذات المتحدث.
وإلى جانب البرنامج الثقافي والفني، سيكون للجانب السياحي نصيبه بهذه المناسبة من خلال عدة فعاليات ولاسيما القافلة السياحية التي ستجوب المعالم الأثرية والثقافية للولاية للتعريف بالموروث المحلي وإبراز القدرات السياحية، فضلا عن قافلة المكتبات التي ستقوم بخرجات إلى الفضاءات السياحية لتشجيع الشباب على المطالعة وتنشيط المحيط، يضيف مرواني.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024