يعد «أغام أن تيني»، أي قصر التمور بالزناتية، واحدا من المعالم الأثرية العريقة بقصر كالي ببلدية أولاد سعيد بالولاية المنتدبة تيميمون، 220 كلم شمال أدرار، الذي يجسد مدى تشبع سكان منطقة قورارة قديما بثقافة استغلال وتنظيم شعبة التمور التي يتم جنيها من واحات الإقليم.
يستمد المعلم الأثري بعده التراثي وميزته الاجتماعية والسياحية من طابعه المعماري المحلي المتميز، حيث شيد بمواد محلية بهندسة بديعة تعكس العبقرية في فن العمران التي كان يتميز بها سكان المنطقة، والتي مكنته من تحدي مختلف العوامل الطبيعية من رياح وأمطار ورطوبة المنطقة مما ساعد السكان على استخدامه في تجميع وتخزين التمور.
وقد تم اختيار موقع إنجاز هذا الهيكل القديم بعناية دقيقة جعلته في معزل وحماية من كثبان الرمل الكثيفة التي تنتشر بالمنطقة رغم ارتفاعها إلى مستوى علو جدرانه، مما يعكس عبقرية القبائل الزناتية التي سكنت هذه المنطقة في الحقب الغابرة، مثلما أضاف عمي إبراهيم، الذي لا يزال متشبثا بحرفة الأجداد في صناعة السلالة من سعف النخيل رغم الشيخوخة التي طغت على ملامحه.
كما أن تشييد هذا المعلم الأثري في موقع يتوسط واحات النخيل الشاسعة بالمنطقة يبرز مدى وعي السكان القدامى بأهمية العمل الجماعي في تنظيم نشاط غرس وجني وتجميع التمور، مما جعل «أغام أن تيني» أشبه ببورصة محلية للتمور يتم من خلالها التحكم في نشاط إنتاج التمور انطلاقا من تجميعها بهذا المبنى بعد الجني، ومن ثمة إعادة توزيعها وتسويقها نحو المناطق الأخرى.
واعتمد في تشييد هذا القصر لتجسيد وظيفته على إنجاز شبه غرف بداخله تخزن فيها محاصيل التمور بعناية للحماية من مختلف العوامل وتغطى بأبواب خشبية، في حين تخصص غرفة أكبر من مثيلاتها بداخله لجمع محصول التمور الموجه للتضامن والتبرع للمحتاجين، والذي يساهم فيه أصحاب البساتين بقسط من محصولهم.
وتجسد هذه الطريقة المتميزة في تنظيم نشاط إنتاج التمور قديما عدة معاني وقيم اجتماعية سامية لدى الأجداد، تكرس روح العمل الجماعي والتكافل الإجتماعي بين السكان رغم اختلاف مستوياتهم المعيشية.
ولجأ سكان المنطقة لهذا الأسلوب الجماعي في استغلال محاصيل التمور رغم توفر أساليب وطرق أخرى فردية في تخزينها، والتي كانت تعتمد على دفنها في ظروف حفظ خاصة.