بعد التخلي عن مهنة نسيج السجاد والزرابي

قناطير من الصوف ترمى بالمفرغات بسيدي بلعباس

سيدي بلعباس: نسرين - ب

 تسير مهنة صنع السجاد والزرابي بولاية سيدي بلعباس نحو الاندثار بعدما كانت الحرفة التقليدية الأولى وبامتياز، حيث كانت تنسج من قبل ربات البيوت بالمنازل وتتوارثها الفتيات جيلا بعد جيل، ومنها ما كان يباع وتستغل أمواله في مصاريف العائلة، ومنها ما كان يزين البيوت ومنها ما كان يضاف الى جهاز العروس.
 تصنف ولاية سيدي بلعباس كمنطقة فلاحية ورعوية، فهي تزخر بالآلاف من رؤوس الأغنام، وتنتج القناطير من الصوف والجلود سنويا، الا ان هذه المواد أصبحت ترمى في المفرغات والمزابل بعدما لم يجد الموالون ومربّو الماشية من يشتريها منهم.
فحسب بعض الموالين الذين تحدثوا لـ «الشعب»، فإن قنطار الصوف أصبح يباع بـ 3000 دج فقط، ومنهم من لا يجد من يشتري منه سلعته، فيضطر خلال عملية جز الغنم في الصيف إلى رمي صوفها دون الاستفادة منها، هذه المادة الأولية الثمينة التي كانت في وقت مضى تحول إلى مصنع السجاد ببلدية مصطفى بن براهيم لصنع السجاد منها، وكانت تدر الأموال وبفضلها كان ما لا يقل عن 150 عامل حرفي يكسب قوت يومه وعائلته.
هذا المصنع حسب أصحاب المهنة، كان في سنوات الثمانينات ينتج أجود السجاد المزخرفة التي توحي بالموروث المحلي، وتصدّر منها الآلاف الى بلدان الخارج، منها المغرب، تونس، فرنسا وألمانيا قبل أن يتم غلقه وبصفة نهائية ومن ثمة تعرضه للإهمال، هذه المنشأة التي أنجزت سنة 1971 أغلقت أبوابها سنة 1996، وأصبح عمالها يعانون الأمرين وهم يلاحظون تعرضه للتدهور المستمر، وكثيرا ما طالب سكان المنطقة بإعادة تشغيله لفتح مناصب شغل لهم.

إعادة الاعتبار للوحدة والمهنة

 في سنة 2015، قرّرت السلطات الولائية إعادة تهيئة مصنع السجاد بالمنطقة وفتحه من جديد، مع تنصيب لجنة آنذاك مكوّنة من إطارات من مديريات السياحة، التجارة، الصناعة وأملاك الدولة لأجل الاجتماع بالحرفيين وقدامى العمال لإعادة تفعيل نشاط المصنع والمساهمة في إعادة الاعتبار للحرفة التقليدية التي كانت تزخر بها ولاية سيدي بلعباس، وتساهم في التنمية الاقتصادية المحلية.
ولعل أكثر المتضرّرين من عملية الغلق موالي المناطق الجنوبية للولاية الذين يمتلكون المئات من رؤوس الأغنام دون الاستفادة من صوفها، وأصبح مطلبهم الوحيد هو انجاز مصنع لصناعة الزرابي والسجاد ومصنع للجلود حتى يتمكّنوا من الاستفادة من أثمان الصوف والجلود، وتساهم في فتح مناصب عمل لغيرهم من المواطنين البطالين ولفائدة النساء الماكثات في البيت اللائي كن يغزلن الصوف ويصنعن أجود الزرابي ويكسبن رزقهن من الحرفة التقليدية القديمة.
لكن مع الظروف والصعبة والمتغيرات، اضطرت الكثير منهن للتخلي عن الحرفة لصعوبة تسويق المنتوج والترويج له، كما تراجع الطلب على تعلم المهنة، ما يستدعي تدخل جميع الفاعلين على مستوى مديرية السياحة والصناعة التقليدية، وكذا مراكز التكوين لتشجيع المتربصين وفتح تخصصات تعنى أكثر بهذه المهنة المهددة بالزوال بالرغم من أهميتها الاقتصادية ومكانتها الاجتماعية كموروث ثقافي ينتظر التثمين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024