عـلاج تقليدي طبيعـي

التداوي بالحمامات الرملية.. صحة وسياحة

النعامة سعيدي محمد امين

 مع حلول فصل الصيف واشتداد درجة الحرارة، خاصة بالمناطق الصحراوية الجنوبية يفضّل الكثير من السكان التوجّه إلى الأماكن الساحلية خاصة الشواطئ من أجل قضاء العطلة أو الاستمتاع بمياه البحر والتخفيف من الحرارة الحارقة، غير أن البعض الآخر يفضّل هذا الفصل بالتوجّه إلى الجنوب لبحر آخر وهو «البحر اليابس» أو الحمامات الرملية لأجل العلاج من بعض الأمراض أو ما يعرف بالردم برمال العرق الكبير.

تشهد مناطق تاغيت ببشار، بني عباس، المنيعة واد سوف وغيرها من المناطق الجنوبية إقبالا كبيرا على الحمامات الرملية، خاصة في الفترة الممتدة ما بين شهري جوان وسبتمبر من كل سنة.
الحمامات الرملية أو التداوي بالرمال أو الرمل الاستشفائي، الاسم العلمي لهذه الطريقة ( le sable thérapeute )، هو علاج طبيعي كان متّبعا في العصور القديمة، طريقة استعملها العرب في مجال العلاج الطبيعي وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الرمال الموجودة في الصحراء تعتبر أحد أنواع العلاج البيئي أو الطبّ البديل، وعرف رواجا كبيرا في الوقت الراهن، حيث تعدّ هذه الحمامات بمثابة علاج للجسد والروح في أن واحد، إذ أنها تساعد على علاج آلام الظهر والمفاصل كما تزيل الضغط العصبي والتوتّر، لتمتع المرء بالصحة والعافية وينعم بالهدوء والاسترخاء.
وقام مختصون في الطب على المستوى العالمي خاصة ألمانيا بالبحث عن خصائص هذا العلاج ومدى فاعليته من خلال بحوث أكاديمية أثبتت أن العلاج بالرمال أو الحمامات الرملية تعدّ أحد الأشكال الفعّالة للمعالجة الحرارية، ففي هذه الطريقة تعمل طبقة الرمال الساخنة مع أشعة الشمس الهادئة على استرخاء الجسم وتخلّصه من الضغط والتوتر العصبي وهو ما يؤدي إلى ارتخاء العضلات والتخفيف من حدّة الألم.
العلاج بالحمامات الرملية يتمّ عن طريق دفن المريض في الرمال حيث يتمّ تحديد بقعة رملية نظيفة لم يسبق استخدامها من قبل، كما يجب أن تكون معرّضة للشمس لوقت طويل، ويفضل أن تكون بعيدة عن ظلّ جبل أو شجرة، وتكون الرمال مشبّعة بحرارة الشمس، وكذلك تكون نقية من أي بكتيريا أو فطريات، فحرارة الشمس تقتل أي بكتيريا، ليتمّ بعدها تهيئة حفرة تكون ملائمة لجسم المريض، ويستلقي المريض في الحفرة ويتمّ تغطية كامل جسمه بالرمال ما عدا الوجه، ويحرص على أن تكون كمية الرمال الموضوعة فوق الجسد متوسطة تفي بغرض العلاج، وألا تكون حملا ثقيلا على قلبه وقدرته على التنفس الطبيعي، كما توضع فوق الوجه مظلة لوقايته من الشمس.
 ويبقى المريض في الحفرة من 04 دقائق إلى 22 دقيقة كحد أقصى وهذا حسب طاقة تحمله، وما أن ينتهي من ذلك يتمّ إخراج المريض من الحفرة وتغطيته في الحال منعا لإصابته بتيار هوائي بارد ما قد يصيبه بعواقب سلبية، ويدخل مباشرة إلى خيمة مهيئة خصيصا لذلك.
 ويبقى المريض في غطائه لمدة ساعة على الأقل ويلزم خلال فترة العلاج بارشادات معيّنة تتمثل في عدم التعرض لتيارات هوائية مباشرة والابتعاد عن أجهزة التكييف وتفادي المشروبات الغازية، وكذا التقليل من أكل المواد التي بها نسبة عالية من الدسم، وعدم الأكل قبل وبعد الردم بحوالي ساعة على الأقل، إضافة إلى ممارسة المشي لمدة ساعة يوميا حيث يرى البعض أن المشي على الرمال حافي القدمين ضروري لتفريغ الشحنات السلبية والموجات الكهرومغناطيسية التي يتعرّض لها الإنسان نتيجة تعامله مع الوسائل التكنولوجية الحديثة.
وقد تطوّر الأمر للمعالجة بالرمال والطين، في عمليات التجميل وشدّ البشرة والتخلّص من الترهلات، وهناك زيوت ومواد مشعة تستخرج منهما تمنح البشرة الجمال والحيوية وتعالج أمراضها وتمنع ترهّلها.
 طريقة العلاج بالحمامات الرملية تتمّ بطرق تقليدية بهذه المناطق نوع من السياحة الصحراوية، كذلك غير أن البعض يطالب من السلطات المحلية التي تشهد إقبالا كبيرا على هذه الحمامات بضرورة مرافقتها بفرق طبية وشبه طبية لتحسيس الحالات التي تحتاج العلاج بطريقة الحمامات الرملية ومتابعة المرضى في حالة حدوث مضاعفات له، خاصة وأن بعض الأطباء يقومون بمنع الأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض لاسيما المزمنة (القلب والضغط الشرياني وأمراض الربو، سرعة النزيف، الفشل الكلوي، القرح) من متابعة هذا النوع من العلاج.
تتوفّر ولاية النعامة على كثبان رملية هائلة، خاصة مدينة العين الصفراء وهي قريبة جدا من العمران، غير أنها لا تستعمل لهذا العلاج وغير مستغلّة ماعدا حالات نادرة تُعد على الأصابع. وفي هذا الإطار يسعى بعض الشباب من خلال الجمعيات السياحية إلى الترويج لهذا العلاج الطبيعي وهذه الحمامات الرملية لما لها من فائدة صحية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024