مرسى بن مهيدي الحدودية تجذب السياح

مؤهلات ضخمة وتجند لإنجاح موسم الاصطياف

استطلاع/ أم الخير.س

تقع في ولاية تلمسان وتتمتع بمؤهلات سياحية ضخمة، سمحت لها باكتساب شهرة وجاذبية منقطعة النظير، إنها مدينة مرسى بن مهيدي الحدودية التي تسترجع حركيتها كل موسم صيف.
مازالت هذه المدينة الساحلية تستقطب ملايين السياح سنويا على امتداد 1200 متر من الشواطئ الساحرة، وتحتفظ باسمها القديم «بور ساي» الذي اتخذته في الفترة الاستعمارية بعد إنشاء مينائها سنة 1905م من طرف قائد عسكري فرنسي يدعى « لويس ساي»، غير أن التسمية الاستعمارية ظلت ملتصقة بالمدينة العريقة التي غذّت محاسن طبيعتها الخلابة وموقعها الاستراتيجي- أطماع الكثيرين، إلى أن اتخذت اسم الشهيد محمد العربي بن مهيدي بعد الاستقلال مباشرة.

 رحلة مغرية
وإن كانت مدينة مرسى بن مهيدي، تفقد حركيتها وحيويتها خلال أشهر طويلة من السنة، إلا أنها تسترجع عافيتها كلما حلّ موسم الاصطياف، حيث تستقبل المدينة ما لا يقل عن 7 ملايين مصطاف سنويا من مختلف ربوع الوطن، يبعثون الحيوية والنشاط في هذه المدينة السياحية الحدودية التي يقارب عدد سكانها 7 آلاف نسمة، والتي تدخل في سبات طويل طيلة 9 أشهر من الزمن قبل حلول موسم الاصطياف.
ويستعد سكان مدينة مرسى بن مهيدي لاستقبال العدد الهائل من السياح بداية من شهر ماي الذي تستقبل فيه الحجوزات والطلب على الإيواء في المنازل بأسعار ملائمة تتراوح بين 5 آلاف و8 آلاف دج، زيادة على الفنادق والاقامات الفندقية التي توفر عدد معتبر من الأسرّة، مقابل أسعار يجدها المصطافون وعشاق مدينة بورساي مناسبة وتستحق عناء السفر، على غرار السيد إسماعيل الذي تكبد عناء السفر من أقصى الجنوب الشرقي الجزائري، قادما من ورقلة من أجل زيارة هذه المدينة الحدودية وإكتشاف سحرها.

مسالك سياحية هامة
يقول اسماعيل الذي كان مرفوقا بأسرته الصغيرة، إن مشقة السفر عبر الطريق لمسافة تزيد عن 1500 كلم، لا تقارن أمام جمال وجهته السياحية في هذه الصائفة، مضيفا أنه مرّ عبر عدة مواقع سياحية بولاية تلمسان قبل وصوله إلى وجهته بأقصى نقطة حدودية، مرورا بمسلك ثري بالمناظر الطبيعية الخلابة والمواقع الأثرية التاريخية، على غرار مغارة عين فزة وشلالات لوريط وقلعة المشور وهضبة لالة ستي، قبل أن يغادر إلى مدينة مغنية الشهيرة بأسواقها وتوابلها، ثم مدينة بورساي، مشيرا أن رحلته السياحية الطويلة والمكلفة تستحق العناء، لاسيما وأن قدر المتعة والاستجمام كان أوفر بوصوله إلى شاطئ موسيكاردة.
وبخلاف إسماعيل القادم رفقة أسرته من ولاية ورقلة جنوبا، التقت «الشعب» بالواجهة البحرية لمدينة مرسى بن مهيدي بمجموعة من الشباب، القادمين من وهران على متن دراجات نارية، والذين أشاروا في حديثهم المليء بالشغف وحب المغامرة، أنهم اعتادوا الاصطياف بهذه المدينة التي يفضلون شواطئها حبّا في أهلها الذين يتمتعون بالطيبة وحسن الضيافة.

 سوق شعبي عتيق
ويستهل زوار مدينة مرسى بن مهيدي زيارتهم إليها بالتقاط صور أمام مدخل المدينة، ليغادروا بعد دقائق إلى وجهات مختلفة، عبر أزقة وشوارع المدينة التي تعتبر أغلب مبانيها مراكز لإيواء المصطافين
والسياح، وتتوفر بمدينة مرسى بن مهيدي على سوق شعبي يضمن للسياح احتياجاتهم ورغباتهم في الحصول على ذكرى من المنطقة الحدودية، على غرار الألبسة التقليدية والأواني الفخارية، والحلي ومختلف الصناعات اليدوية والتقليدية، إضافة إلى حظيرة للألعاب بجانب ميناء النزهة وخيمة لإقامة الحفلات والسهرات الصيفية.
ولا يخلو موسم الاصطياف بمدينة مرسى بن مهيدي بولاية تلمسان، من بعض المنغصات، التي باتت تشكّل هاجسا يتقاسمه المصطافون مع السلطات المحلية للمدينة الساحلية التي تشكل عائدات السياحة نسبة 25% من مداخيل ميزانيتها، ويأتي انتشار الأوساخ وقمامة المصطافين في مقدمة هذه المشاكل، التي تجندت لها مصالح بلدية مرسى بن مهيدي من خلال تنظيم حملات نظافة يومية، تشمل تنظيف الشواطئ من مخلفات المصطافين، حفاظا على نظافة شواطئها ورمالها الناعمة، فضلا عن تحسيس وتوعية الزوار والمصطافين بضرورة احترام مواقيت رمي القمامة وتجنب الرمي العشوائي لها، من جهتها المصالح الأمنية لمدينة مرسى بن مهيدي، تجندت هي الأخرى لتحقيق أقصى درجات الراحة للمصطافين من خلال الانتشار المكثف لعناصر الشرطة من أجل تنظيم حركة المرور ليلا على امتداد الواجهة البحرية للمدينة التي تعجّ كل مساء بمئات المركبات والراجلين، فضلا عن سهرها التام لمحاربة ظاهرة الاستغلال غير الشرعي للشواطئ.

 وفرة في المواد وغياب المضاربة
أما في مجال الخدمات العامة، لم تسجّل مدينة مرسى بن مهيدي خلال هذا الموسم أي تجاوزات تذكر، بخصوص ارتفاع أسعار المواد والمؤن الغذائية، الأمر الذي يعكس توفرها بالمدينة الساحلية التي عانت في مواسم سابقة من مشكل الندرة الحادة في السلع الغذائية والخضر، وهي كلها أسباب ساهمت بشكل تلقائي في جذب هذا العدد الكبير من السياح من مختلف مناطق الوطن، بعد أن كان هؤلاء يترددون بين سحر المنطقة وجاذبيتها التي لا تقاوم وبين الأسعار التي ترتفع بشكل قياسي في فترة الاصطياف، ولم تشكل وسائل المواصلات عائقا أمام زوار المدينة، حيث توافدوا إليها بالملايين عن طريق الحافلات التي توفرها الرحلات المبرمجة أو سيارات الأجرة للنقل بين ولايات وسط وغرب الوطن، دون التفكير في هاجس التنقل وسط المدينة، وبين شواطئها، والتنقل على الأقدام للإستجمام والتمتّع بأزقة المدينة وأسواقها التي تعج بالصناعات التقليدية المحلية والوطنية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024