تصاميم كرتونية جذابة للأدوات المدرسية بالسوق

أسعـار خياليــة وأصحــاب الدخــل المتوســط تحــت الصدمـة

قسنطينة: مفيدة طريفي

 

 

 

مع انطلاق العد التنازلي للدخول الاجتماعي والعودة نحو مقاعد الدراسة، يتجدد سيناريو عجز العائلات الجزائرية في التوجه نحو الأسواق والمحلات التجارية، لاقتناء مستلزمات الدراسة من أدوات مدرسية، حقائب، ومآزر، جراء الغلاء الفاحش الذي يفرضه التجار في عرضهم للسلع وبكل أنواعها، ما يدخل أصحاب الدخل المتوسط والضعيف في دوامة صعوبة توفيرها، بعدما أتعبتهم مصاريف عديد المناسبات التي مرت تباعا، بدءا من شهر رمضان وعيد الأضحى، وصولا إلى العطلة الصيفية، هذا في غياب الرقابة التي تسهر على تحديد سقف الأسعار، ليبقى المواطن في حيرة من أمره.

«الشعب» وفي جولة استطلاعية لعدد من المكتبات والمحلات التجارية بوسط مدينة قسنطينة، حيث توجهت غلى مكتبة الشافعي والواقعة بالقرب من قصر الثقافة، محمد العيد آل الخليفة، والتي تعتبر من أكثر المكتبات التي تعرف توافدا من طرف سكان المدينة، فمع دخولنا لاحظنا عائلات تجوب المكان الذي يعرض سلع ذات جودة، لكن بأسعار وصفوها بالخيالية، أي ليست في متناول المواطن البسيط حيث يتجاوز سعر الحقيبة الواحدة مبلغ 500 ألف دج، فما فوق، ناهيك عن تلك المصنوعة بمادة الجلد، لأنها باهظة الثمن، في حين الكتب المدرسية أسعارها تجعل الزبون يعيد النظر في شراءها إلى حين استكمال الأدوات المدرسية، التي أضحت تصنع بمواصفات مغرية للتلاميذ والأطفال على حد سواء، ما يجعل ثمنها مرتفعا من جهة، ومن جهة أخرى تجلب نظر وانتباه التلاميذ، ومن داخل هذه المكتبة، نقلنا معاناة أولياء التلاميذ الذين أعربوا عن استيائهم جراء غلاء الأسعار، ليجدوا أنفسهم بين إلزامية اقتناء لوازم التمدرس وضرورة إدخال البهجة إلى قلوب أطفالهم بشراء لوازم وحقائب جديدة وجميلة، تجعلهم يباشرون الدراسة بحيوية وديناميكية.
الاقتراض الحل الوحيد
سامية أم لأربعة أطفال وجدناها وسط المكتبة تبحث تارة وتفكر تارة أخرى، تقربنا منها حيث أكدت لنا أنها عاجزة عن اقتناء اللوازم المدرسية كاملة بنفس الجودة والنوعية وبالتالي توفيرها لأطفالها، معتبرة أن ميزانية الدخول الاجتماعي أثقلت كاهلها بمصاريف مرتفعة ومشتريات باهضة الثمن، حيث أضحى شراء كل ما يحتاجه أطفالها ضرب من الخيال، ففي سؤالنا عن أسعار الكتب المدرسية، ردت قائلة إنها لا تشتري الجديد، وإنما تستغل كتب الأبناء الكبار ليعيد استعمالها الأصغر منهم، وهذا ما تستطيع توفيره لإقتناء كراريس وأقلام ومآزر وحقائب جديدة، كما أضافت قائلة: «دائما ما ألجأ للاقتراض حتى أتمكن من شراء كافة الكتب والأدوات اللازمة لأولادي».
 من جهته، العم حسين الذي تقرب منا تلقائيا معبرا عن غضبه الشديد، بسبب الغلاء الفاحش للكتب المدرسية والمستلزمات الأخرى التي تعتبر ضرورية للتلاميذ المتمدرسين ما يضع المواطن البسيط في ضغط رهيب جراء أن الراتب الشهري لا يكفي لتغطية مصاريف الدخول الاجتماعي، مستغربا من غلاء الأسعار غير مبرر حيث وصل سعر كراس من 64 صفحة بما لا يقل عن 40 دج وأما كراس من 120 صفحة، سعره 190 دج، فيما وصل سعر كراس 192 صفحة إلى  190 دج، في حين كراس صفحة 384 صفحة فمعروض بسعر 2055 دج، فيما وصل سعر الروجيستر وحافضات الأوراق لسعر 3400 ألف دج.
هاجس الجودة ومحدودية الميزانية
وما زاد الطين بلة، تسجيل ارتفاع رهيب لأسعار المآزر، حيث بلغت 1030 دج، ما تسبب في أزمة مالية لأصحاب الدخل الضعيف، ليتوجهوا نحو أسواق أسبوعية تعرض سلع عادية من حيث النوعية والبعض الآخر يلجأ لشراء الأقمشة وخياطتها، من أجل توفير بعض الدنانير لشراء ما هو أهم للدخول المدرسي، لنتوجه بعدها نحو سوق الدقسي الشعبي، حيث يعرض التجار سلعهم على الأرض أو على طاولات خشبية، تنخفض نوعا ما عن ما يعرض بالمحلات والمكتبات، حيث يجد المواطن محدود الدخل ضالته في شراء ما تيسر من الأدوات المدرسية لأطفالهم، حيث أكد أحد الزبائن أن السلع فيما يخص الكراريس والأقلام يقتنيها من السوق، لكن الحقائب يمتنع عن شراء كل ما هو صيني باعتبار أن العديد منها المعروض مغشوش النوعية، وبالتالي لا تتحمل حجم وثقل الأدوات والكتب، ليضطر لشراء العديد منها خلال الموسم الدراسي، لذا إنه مضطر لشراء حقائب جيدة حيث تتحمل مع التلميذ نحو سنة أو سنتين بمبلغ لابأس به، وأحيانا يضطر للاقتراض لتوفيرها، وهو نفس الهاجس الذي تحدثت عنه السيدة نورة، وهي موظفة بقطاع التعليم، والتي بدورها تحدثت عن جودة ونوعية السلع المعروضة، وتساءلت في سياق متصل..هل حقا تعكس أسعارها الباهظة أم مجرد استغلال ومضاربة في مرحلة الدخول الاجتماعي، لأنه في معظم الأحيان تقتني حقائب غالية الثمن، لكن عادة ما تكون مقلدة، فبعد استعمالها لفترة وجيزة تجدها تتلاشى وتتمزق ما يدفع بها لاقتناء أخرى حتى يتمكن ابنها من استكمال السنة الدراسية.
أدوات مدرسية مثيرة
وخلال هذه الخرجة الاستطلاعية، وقفنا بالفعل على حقيقة نوعية المستلزمات الدراسية التي تحولت في الكثير منها إلى تحف فنية، تستهويك لشرائها حتى وإن كنت لست معني بشرائها، فالمبراة التقليدية تحولت لشمس صفراء ضاحكة والمسطرة لمجسم كرتوني مشهور وأما أغلفة الكراريس فمزينة بشخصيات مشهورة في عالم الرسوم المتحركة، هذه التي ترتفع أسعارها لتصاميمها وألوانها الساحرة لأعين الأطفال وحتى الكبار، حيث تجدهم كثيرا ما يصرون على اقتنائها وكأنها لعبة تستهويهم، ما يضع الأولياء أمام أعباء جديدة، لا يستفيد منها سوى التاجر حيث جيوب الأسر المتوسطة والضعيفة الدخل، بمعنى أن هذه السلع الجديدة التي تجذب الأطفال من أجل مطالبة أوليائهم لشرائها بالرغم من كل من يرفض تارة وتارة أخرى تجدهم يخضعون لرغباتهم من دون مقاومة حتى يبتهج الطفل، علما أن الأولياء لا يتأخرون عن أي مطلب لأطفالهم إذا تعلق بالدراسة.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024