«الجوزية القسنطينية»

حلــوى لذيـذة وهديــــة فاخــرة تستهـوي السياح

تعد «الجوزية القسنطينية» جزء ثمين من تراث مدينة قسنطينة العريق، ولا أحد يزور قسنطينة ولا يفوت فرصة تذوق هذه الحلوى اللذيذة طيبة المذاق، أو إحضار هدايا للمقربين، حتى أن السياح الزائرين لمدينة الجسور المعلقة يقبلون على اقتنائها لتقديمها كهدية فاخرة.
لدى الحديث عن الجوزية التي يتفق الجميع على أن أصولها تنبع من ولاية قسنطينة، على خلفية أن الجزائريين تناقلوا رواية أنها دخلت قسنطينة أول مرة بفضل أحد طباخي أحمد باي، الحاكم العثماني الذي حكم قسنطينة وشرق الجزائر بين عامي 1826 حتى سقوط المدينة في يد الاستعمار الفرنسي عام 1837، أما عن أسرار اكتشافه الوصفة السّرية التي أمِر بأن يبقيها في صدره ولا يبوح بالوصفة لأحد، يبقى في النهاية حديثا لا يستند إلى مرجع تاريخي، في حين رواية أخرى ترجح دخولها قسنطينة كان مرتبطا بهجرة الأندلسيين إلى كثير من المدن الجزائرية ومنها قسنطينة، فدخلت معهم وانتشرت لتنتهي بعد كثير من التعديلات إلى وصفتها الحالية.
وفي تفاصيل القصة كما يرويها حرفيين يمتهنون صناعة «الجوزية»، فإنّ تاريخها يعود إلى الحقبة العثمانية في الجزائر، وحسب شهادتهم، كانت آنذاك تلقب بـ «الحلوى الملكية»، لكونها مخصّصة لقصر الباي وليس للعامة.
إن المقادير التي تدخل في تحضير هذه الحلوى معروفة أي لا يخفى عن أحد في قسنطينة أن «الجوزية» تعد بمكونات رئيسة، هي عسل النحل الأصلي ومكسرات الجوز فضلا عن بياض البيض مع مسحوق النشا، لكن السر ليس في المقادير المعروفة وإنما الوصفة في حد ذاتها تمثل لغزا صعبا على كل الهواة وعشاقها.
ويقول بعض الطهاة الهواة بصراحة وتعطش، أنه عندما يوضع العسل في إناء الطهي، لن تجد أحدا يخبرك متى نضيف حبات الجوز، ومتى يضاف بياض البيض أقبل أم بعد، هذه هي التفاصيل الصغيرة التي يخفونها، فضلا عن عدد الساعات التي تبقى فيها الخلطة على النار».
وينبغي تسليط الضوء على المستجدات المتمثلة في استيراد العديد من الآلات في السنوات الأخيرة، مما سهّل كثيرا طريقة تحضير هذه الحلوى، التي توضع مقاديرها مجتمعة مدة ثماني ساعات داخل إناء فضي يدور بشكل آلي، لتكون جاهزة بعد ساعات أخرى للتقطيع والتغليف في علب وصناديق فاخرة لتسوق إلى كل ولايات الجزائر، حيث يقبل عليها بشكل كبير خلال شهر رمضان الفضيل وهناك من يرى أنها في الكثير من الأحيان تنافس الحلويات العريقة المختلفة، على غرار «البقلاوة وقلب اللوز والزلابية والمقروط» وغيرها، ويقبل عليها الصائمون بصورة لافتة خلال شهر الصوم وعلى مدار السنة، لطعمها المميز.
وبالعودة إلى اسم «الجوزية»، فإن تسميتها مشتقة من ثمرة الجوز الذي يشكل عنصرا أساسياً في صنعها وتزيينها، إضافة إلى مكوّنات أخرى منها العسل والبيض.
وفي الأخير خلاصة القول، أنه ورثها سكان قسنطينة أبا عن جد، أي على الأقل جذورها ضاربة منذ الحقبة العثمانية في الجزائر (1518- 1830) أو قبل ذلك لا أحد لديه الرواية الأكثر تأكيدا، ولا تزال إلى يومنا هذا من أشهر الحلويات التي تزين بسحر مائدة السهرات في رمضان، بل وتقدم هديةً في المناسبات للضيوف والأصدقاء والأقارب. ومن دون اندهاش تخطى صيت «الجوزية» حدود قسنطينة والجزائر، إلى الخارج، بعد أن أصبحت لا تفارق حقائب زوار الجزائر وضيوفها من أبناء الجالية والسياح.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024