الأعـراس العنابية عريقـة وباهــرة

ألبسـة فخمـة، تكاليـف خياليـة..وأساطـير أقـرب للحقيقـة

 يشتهر العرس العنابي بعراقته وفخامته، حيث يمكن لكل التفاصيل أن تبهرك من لباس إلى أطباق وكذا طريق الاحتفاء، ورغم كلفتها إلا أن العائلات العنابية ما زالت متشبّثة بها راسخة في وجدانها وذاكرتها، وتنفق كل ما يكون متاحا لتفرح بأبنائها سواء كانوا ذكورا أو إناثا..إذا كيف تحتفي العروس العنابية؟

المعروف أنّها متمسّكة جدا بالأزياء التقليدية التي تعتبر دقيقة الصنع بفعل الطرز الجميل والأشكال المرسومة، وتختار العروس العنابية القشابية، حيث تلبسها مرة واحدة في العمر، فإذا ارتدتها مرة ثانية فهذا نذير شؤم لها، ومعناه أن تتزوج مرة ثانية، كما تحتفظ بها ولا تعطيها حتى لأختها عندما تتزوج فهي خاصة بها فقط، وعلى أختها أن تصنع مثلها، ففي ليلة الحنة تضع العروس اللفة وتقوم أمّ العريس بجلب «الطبق» والألبسة التي تكون أغلبها مطرزة ومصنوعة باليد، لأن عائلة الزوج هي التي تشتري «جهاز» العروس، خاصة في الريف، فالعجوز هي التي تشترط خياطة الألبسة، ويصل عدد «التصديرات» إلى عشرة ألبسة، أهمها «الدلالة» وهو لباس تقليدي يكون باللون الأزرق مصنوع بالفتلة الذهبية، متكونة من معطف قصير وخفيف مع قبعة طويلة على الرأس مزينة بجواهر «الويز» الذي يسمى السلطاني، مرفوقا بمنديل أزرق يعرف باسم «التسريحة»، ترتدي العروس العنابية الكثير من المجوهرات منها «سخاب الجوهر الأبيض، سخاب العنبر البني أو الأسود، المخبل، الخلخال، سوار اليدين...».

عشق وفريـــد

أما الثوب الثاني الذي تلبسه المرأة في الحنة، يطلق عليه إسم «اللفة» باللون الزيتي مصنوع من المجبود أو الفتلة، ترقص العروس به مع حماتها، يتكون من منديل بلون ذهبي يسمى «محرمة أزندة مع الفتول» مرفوقة بقبعة «شاشية» مزينة بالذهب كذلك، من «الرشة، لجبين، زينة الخد....»، كما ترافق العروس امرأة تدعى الماشطة وهي السيدة التي تهتم بالعروس طيلة يوم العرس بماكياجها، لباسها، وتسريحة شعرها تستدعيها الفتاة مقابل مبلغ مالي تدفعه لها.
والمعروف عن سكان عنابة حرصهم على التزين بالحناء والحرقوس حتى بدون مناسبات، وتضع العروس الحنة على أصابعها فقط بالتدرج، ويسمى في المنطقة «عشق وفريد»، وهناك طريقة أخرى تسمى «خيط الحنة»، أما بالنسبة للرجل فيضع الحناء قبل العرس في منتصف الليل من طرف أربع فتيات غير متزوجات ولا مخطوبات يقمن بفرد الحنة على يده مع تعالي بالموازاة مع ذلك، الزغاريد والتصفيقات.
وبخصوص الأزياء الجميلة، ترتدي نساء عنابة الفستان التقليدي المطرز بالفتلة بإضافة محزمة تتوسط الجسم، فالمحزمة تعتبر رمزا للمتزوجة فقط، فمن ترتدي المحزمة فهي من المدعوين، فقد تكون أخت العروس أو أمها أو إحدى قريباتها، أما العروس فلا ترتدي المحزمة في حفل بيت أهلها بل في بيت زوجها، فالحناء تضعها أم العريس لزوجة ابنها مغطاة الرأس بدون تدخل أمها، ثم تعرض حنتها للحضور تحت إيقاعات الفرقة الموسيقية أو المسامع «لفقيرات في عنابة»، لكن قبل ذلك تعرض المجوهرات وكل اللوازم التي اشترتها أم العريس على المدعوين من المحزمة وطاقم الذهب...الخ.

 قنـدورة الحساب والعُكســة

 يعتبر الطاقم للأشخاص البسطاء في هذه المنطقة، ثم يأتي دور الهدايا التي قدمت للفتاة من طرف عمها وخالها وأقربائها، فأغلب الهدايا في عنابة تكون ذهبا كالخلخال والخاتم ولكرافاش وغيرها، في المقابل سعر القندورة المنخفضة الثمن بعنابة يصل إلى 10 ملايين كحد أدنى، ويختلف لباس عنابة عن ولاية قسنطينة من ناحية الصنف فقط، فلباس عنابة يصنع بالفتلة أما في قسنطينة فيستعملون المجبود ويختلف أيضا في رسومات الشكل ولكل شكل قصة.
ويوجد في عنابة أزياء أخرى مثل البرنوس، قندورة الحساب، والعُكسة، فالعروس عندما تخرج من الحمام ترتدي قندروة الحساب مع البرنوس إجباري، حيث يقام عرس مميز كذلك في الحمام ويسمى «الخلوة»، يكون فيها المدعوون كذلك مع العروسة، والزوج يدفع التكاليف وتأتي أمه بجلب الخضر والكبش للتأكد من مصداقية الذهاب إلى الحمام، مع التهليل والزغاريد. وترتديه المرأة في عنابة وأصبحت ترتديه المرأة في الشرق الجزائري في عدة ولايات، هناك أيضا قندورة البوكار وأكمام الدالية والعجار المصنوع بالطرز هي عادات عنابة، إضافة إلى صندوق من الحطب تحمله الماشطة التي تهتم بتزيين العروس.
عندما تخرج العروس من بيت أهلها ترتدي الفستان الأبيض والبرنوس بحضور فرقة العيساوة، تحضر أطباق عديدة في العرس العنابي منها الكسكس، الجاري، مرقة حلوة، الصفر، الدولمة، شباح السفرة، طاجين الدجاج.
وفي اليوم التالي في صباح العروسة ويسمى «بالتخليلة»، في عنابة ترتدي العروس اللون الوردي واللفة على الرأس، فينزع لها التخليلة أمام الحضور وتبقى باللون الأبيض ثم بعدها الأزرق تحت إيقاعات لفقيرات دائما، ويكون الحفل في المساء بعد الظهيرة بتقديم الحلوى التي حضرتها العائلتان، ليبدأ الاتصال والتواصل كعائلة واحدة، حيث يتم أيضا تبادل صينية البقلاوة بينهما، فتكون ام العريس قد قدمت من قبل الصينية أثناء العرس، وترد أم الزوجة في يوم التخليلة صينية جديدة، ويأتي طفل صغير لوضع الحزام للعروس كي تصبح سيدة بعدها.
هي تقاليد مثيرة، عريقة وباهرة، تزينها ألبسة فخمة بتكاليف خيالية، كما تتخللها أساطير أقرب للحقيقة من الخيال، إذا خلاصة القول أن العرس العنابي متميز ومفعم بالتفاصيل التي تشد الجزائري والأجنبي في نفس الوقت.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024