أرض النــّور ملهمـة المستشرقـين

بوسعـادة مدينــة العجائــب والحياة العذبـــة

 إنّها مدينة الواحات والفن والتجارة والسلام، لذا يليق بها أن تكون مدينة السّعادة، من هنا عبر ابن خلدون ونصر الدين دينيه وعلماء وفنانون وقعوا في عشق هذه المدينة المتميزة في كل شيء.
تقع مدينة بوسعادة شمال وسط الجزائر، وتقع تحديداً بين منخفض الحضنة «بحيرة مالحة» وقمم جبال أطلس الصحراوية، حيث بوسعادة واحة حقيقية وتنتشر على طول الضفة اليسرى لوادي بوسعاداء، ويقع الحي القديم المسور «القصر» في المدينة من الأزقة المقوسة والمتعرجة شمال القطاع الحديث المبني في فرنسا، في أقصى الشمال، تُروى آلاف أشجار النخيل من مجرى النهر الدائم شديد الانحدار، علما أنه منذ فترة طويلة كانت مركزًا مهمًا للقوافل بين غرب إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، تدعم المدينة سوقًا يوميًا للمجوهرات والأعمال المعدنية والسجاد وسكاكين بوسادي الطويلة المستدقة، ويتردد البدو العرب والأمازيغ على المدينة للتجارة والراحة، علما أن كلمة بوسعادة تعني «مكان السعادة».

المدينة المنوّرة والأسواق الصّاخبة

 تعتبر مدينة بوسعادة ملاذا صحراويا آخر للسياح في الجزائر، في مكان ما بين جبال الأطلس ومنخفض هوندا وبحيرة مالحة، حيث تتواجد المدينة جنبًا إلى جنب مع واحة مذهلة، وهي تبرز على عكس المناطق المجاورة لها بسبب الجبال القاحلة ومستنقعات ملحية جافة، وتنقسم مدينة بوسعادة إلى منطقتين رئيسيتين، أي المدينة المنورة والمدينة الفرنسية، وكسائح سوف تستمتع بالأسواق الصاخبة ومتنزه بو سعادة، تبلغ مساحة الحديقة حوالي 100 هكتار، وهي أيضًا مزرعة عنب حيث يزرع العنب، إذا بوسعادة أو مكان السعادة يرحب بالسياح بشكل جيد للغاية، ويأتي هؤلاء السياح حتى خلال فصل الشتاء، وهي مشهورة أيضاً بأشجار النخيل المزدهرة ومدينة بوسعادة النشطة فهي نوع مختلف من العجائب في الجزائر.
وتتميز مدينة بوسعادة بنورها وبساتين نخيلها وقصورها وقباها، ولقد كانت هذه المدينة مسرحا للإنتاج السينمائي عام 1966، وهي مشهورة بالواحة الواقعة في أقصى الشمال، حيث كانت مصدر إلهام للفنانين المستشرقين.
يمكن تقسيم مدينة بوسعادة تقريبًا إلى نصفين، المدينة القديمة وأزقتها المقوسة وأسوارها القديمة التي تقع داخل أسوار المدينة  والمدينة الفرنسية التي تقع إلى الجنوب من هذه المدينة، قد يلاحظ المرء بساتين النخيل الكبيرة خارج حدود المدينة، بمجرد زيارة الأسواق الصاخبة وتذوق الحياة في الواحة.

معالم دينية مشعّة

يقع شلال مولين فيرير على موقع صخري متدرج، وقد تم تأسيسه على يد أنطوان فيريرو وهو إيطالي وصل إلى الجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي، ثم تم استخدام مياه واد بوسعادة  المعزز بالشلال وبساتين النخيل.
ومتحف نصر الدين دينيه، فهذا المنزل الذي أقام فيه الرسام المستشرق، وقد تم تحويله إلى متحف ويضم مجموعة جميلة موقعة من قبل الفنان المستشرق الذي أعطى اسمه لهذا المتحف.
وقد اشتهرت بوسعادة مثل بقية المدن الجزائرية التاريخية بفنون العمارة الإسلامية، وشهدت فيها المساجد والبناءات العمرانية نموا ملحوظا، بل وبرز من خلال هذا العمران أهمية الروح الإسلامية والطراز الهندسي الفاخر الذي تميزت به مساجد بوسعادة، كما هو حال مسجد زاوية الهامل ذي الطراز المعماري الرائع ومسجد النخلة والمسجد العتيق الذي بناه الشيخ العالم سيدي ثامر.
استعمل البناؤون البوسعاديون في عمارتهم وسائل طبيعية كالنخيل والعرعار، ووظفوا ما لديهم توظيفا موفقا في بناء المساجد التي تقدم النموذج الأمثل في العمارة والبناء الإسلامي بفنونه وزخارفه وطرزه الرائعة، ناهيك عن العلوم وفنون التحصيل المعرفي الذي تميزت به بوسعادة عبر تاريخها المجيد، ولا تزال بهذا الصدد زاوية الهامل معلما دينيا وحضاريا وفكريا يشع على المنطقة بعلومه ورجاله، ولا تزال تتميز بتجديد حسن الضيافة وبالهدوء في ممراتها.
إن لمدينة بوسعادة عالمها الخاص، حيث رائحة التراث وعبق الماضي، السيوف والبرانس، الفضة والذهب وحلي العرس وهدايا تذكارية لا تنسى، ولا شك أن «الحلية – الحرز» تشكل أكثر لغزا من بين حلي هذه الواحة، وهي التي تضطلع بوظيفتين، وظيفة واقية من الأمراض ووظيفة جمالية.

مدينة العلم والفكر

 أشهر أنواع المشابك المعروفة عند سكان الواحة هو «الشياط»، الذي هو عبارة عن قطعة من الحلي مثلثة الشكل ومرصعة وبها مسننة رقيقة كما يمكن أن نذكر «المساك» الذي يصلح أيضا لشد أطراف الثياب. ويعد كل من الحزام «السبتة» واليد «خمسة» من نفس فئة الحلي.
لا تزال مدينة بوسعادة وهي مدينة العلم والفكر تشتهر برجالاتها المثقفين ممّن بنوا صرح الجزائر الثقافي والفكري والعلمي، فلقد برز بها مصلحون ومفكرون وعلماء ورجال دين كالشيخ الديسي وغيره الكثير بل أنّ بوسعادة لا تزال حتى اليوم موطن شعراء وموسيقيين جزائريين مجيدين، ولعلها حالة من التواصل الفكري الذي يسري في نسيج المدينة ورجالاتها وعمرانها.
كما اشتهرت بوسعادة منذ القدم بمساجدها، ولعل أهمها هو مسجد العتيق أو النخلة أو سيدي ثامر، والذي بناه سيدي ثامر منذ أكثر من ثمان قرون، ومسجد البشير الإبراهيمي الذي اشتهر بزخرفته وبنائه الذي يشبه مساجد تركيا، ومسجد بلحطاب، مسجد الموامين، مسجد صلاح الدين الأيوبي، مسجد اسطيح، مساجد الحق، الفلاح، التقوى، الصحابة، ومسجد عمر بن عبد العزيز وطارق بن زياد وعائشة أم المؤمنين والمجاهد غيرها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024