كهـوف ومـغارات تتراقـص فـي سحــر

أساطـــير مثــيرة ومتعة انبهـار لا تنتهـي

يوجد بالجزائر العديد من المغارات العجيبة والمثيرة والتي تستدعي الترويج لها سياحيا، من أجل السماح لأكبر عدد من السياح بالاستمتاع بمناظر مبهرة، والوقوف على آثار قديمة وعريقة تحكي جانبا من حضارات مرت من هنا.

تعكس بعض المغارات وكذا تلك الحفريات بالجزائر على تواجد الإنسان بها قبل أزيد من خمسمائة ألف عام، كما تزخر الجزائر عبر مختلف مناطقها بالمغارات والكهوف المنوعة، من آثار الحضارة الإيبيرية-المغاربية، والحضارات القفصية، إضافة إلى حضارات أخرى في مناطق الهضاب والساحل والصحراء، كما هي حال مغارة «بني عاد» الشهيرة التي تتراقص بها الأساطير الحية، إلى كهوف «أوقاس″، وصولا إلى مغارة «ابن خلدون»، التي كتب فيها العلامة الشهير ومؤسس علم الاجتماع الحديث رائعته في فلسفة التاريخ «المقدمة».

صواعد صخرية عجيبة

مغارة بني عاد الكائنة بتلمسان، اكتشفها الأمازيغ في القرن الأول أو الثاني قبل الميلاد حسب اختلاف الروايات، ليتخذوا منها مسكنا آمنا لهم وقصورا لملوكهم وزعمائهم. وتنقسم القاعدة الكبرى إلى قسمين حسب عدد الصواعد التي يبلغ طول بعضها إلى 18 مترا. وتمتد مغارات بني عاد على طول 700 متر بعمق 57 مترا وبدرجة حرارة ثابتة طول العام عند 13 درجة.
يمتد القسم الأول للمغارة الكبرى بحسب بعض الروايات من غار بومعزة بسبدو إلى جنوب تلمسان. وحين تستمر في النزول عبر مسلك ضيق تم تهيئته للراجلين، يستقبلك هديل الحمام الذي يتخذ من المغارة مسكنا آمنا. ولا شك أن الذي يعرف الصحراء وواحاتها يخيّل له أنه مقبل على الاستظلال بواحة للنخيل، حين يرى تلك الصواعد الصخرية الكلسية العجيبة في شكل شجر النخيل، يعانق بعضها بعضا وقد ارتسمت فوقها أشكال غريبة وعجيبة يفسرها كل حسب مخيلته وإدراكه.
في أسفل مغارة بني عاد توجد قاعة السيوف، وسميت كذلك للعدد الكبير من الصخور النوازل التي تشبه السيوف العربية البيضاء والمقدر عددها بعشرات الآلاف من مختلف الأحجام.
وتسمى هذه القاعة الفسيحة بقاعة المجاهدين، حيث كان المجاهدين يتخذونها ملجأ يلجؤون إليه من ثقب صغير كان يؤدي إلى سفح الجبل، وبعد اكتشاف الأمر من طرف الاستعمار الفرنسي سنة 1957 تم تدمير ذلك الثقب بواسطة الديناميت، مما أدى إلى ردمه وبقيت آثار الجريمة بادية إلى اليوم، وتتسرب مياه الأمطار المتساقطة إلى جوف الأرض وإلى أسفل مغارة بني عاد.
وحسب علماء الجيولوجيا، فإن تلك القطرات المحملة بالكلس وبثاني أكسيد الكربون وبعد تساقطها إلى أسفل المغارة، تخلّف ترسبات كلسية تتحول إلى نوازل صخرية ساحرة. وبعد تساقط تلك القطرات إلى أسفل المغارة تبدأ الصواعد في التشكّل وقدّر الجيولوجيون كل سنتمتر واحد بمائة سنة.

رائعة هذا الزمان..

وتقع مغارة «غار الباز» بجيجل في ضواحي محافظة جيجل (400 كلم شرق الجزائر)، تختزن خلف جنبات بلدة زيامة المنصورية، كهوف «غار الباز» المغرية وهي إحدى روائع هذا الزمان، إذ ينبهر الزائر بذاك الامتداد البديع، وما تتوفر عليه دواخلها من عوالم رائقة، بدرجة حرارة ثابتة طيلة فصول السنة (18 درجة) في حين تقدّر الرطوبة بـ60 درجة فما فوق، واستنادا إلى السكان المحليين، جرى اكتشاف هذه الكهوف سنة 1917 أثناء فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، وتمّ الأمر عن طريق الصدفة، عندما كان عمال إحدى الشركات الفرنسية للإنشاءات العامة، بصدد شق نفق يتوسط الكورنيش الجيجلي، حيث أدى ثقب على مستوى النفق، إلى التعرّف على هذه السلسلة العجيبة من الكهوف.
ويبدي خبراء اهتماما بالظواهر التي يلحظها الزائر للمكان، حيث تحتوي تلك الكهوف على أشكال غريبة مجسدة في الطبيعة عبر العالم على غرار قصر الكريملن في روسيا وبرج بيزا الايطالي وتمثال الحرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وكأس العالم وأعاجيب أخرى على غرار السمكة المجمدة «البويا»، ناهيك عن شكل لجنين في بطن أمه، ومجسم لأرجل جمل عملاق، كما تمتاز كهوف «غار الباز»، بأشكال من النوازل والصواعد، إضافة إلى قردة ثلاثة تمثل رمز الحكمة «صم، بكم، عمي»، وأشكال أخرى أبدعت فيها أنامل الطبيعة. ويفسّر مختصون ارتسامات هذه الظواهر بما أنتجته ترسبات كلسية لمياه الأمطار والتي عادة ما تكون معبأة بأملاح معدنية.

سلاح الإنسان القديم

بينما مغارة «أفالو» أو مغارة «ملبو»، تعد مغارة وكهف بطابع كارستي يقع في بلدية ملبو ضمن دائرة سوق الاثنين في ولاية بجاية. وتقع هذه المغارة في جبال البابور، حيث تتشكل من غرفة مقببة عمقها 10 أمتار وعرضها 20 مترا.
وتقع هذه المغارة غير بعيد عن مغارة تامارهات. تم اكتشاف بداخلها ما بين 53 و70 هيكلا عظميا بشريا من صنف الإنسان العاقل خلال عام 1983.
وكان هذا الاكتشاف ناجما عن حفريات آثار قام بها علماء جزائريين، وقد تم طلاء جماجم هذه الهياكل العظمية البشرية بواسطة أكسيد الرصاص الأحمر. في حين مغارة أقريون هي مغارة وكهف يقع في بلدية خراطة ضمن دائرة خراطة في ولاية بجاية، في حين مغارة أوقاس أو مغارة القرش الأبيض هي مغارة وكهف بطابع كارستي يقع في بلدية أوقاس ضمن دائرة أوقاس في ولاية بجاية، وتقع هذه المغارة في جبال البابور.
أما مغارة الرتايمية تعود إلى العصر الحجري القديم بحسب العالم الأثري ستيفان قزال، وتقع المغارة ببلدية واد ارهيو في ولاية غليزان، علما أنه عثر بالمغارة على عينات بها من الحجارة المصقولة من الصوان ونخص بالذكر ما كان يستعمله الإنسان كسلاح وهو يتجاوز قبضة يده، إلا قليلا وهو ملولب، والقطعة مرتبة في متحف وهران بقسم ما قبل التاريخ لوحة 11، كما تمّ العثور بها على الفأس المصقولة والتي تعود إلى العصر الحجري الوسيط.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024