في يومه الأول بـ«الأهقار»

الموروث الرمضاني العتيق يتزيّن بالحداثة الحسنة

محمد الصالح بن حود

تكافل وتضامن يتجدّد لاغتنام النفحات الربانية

تتواصل تحضيرات سكان وعائلات عاصمة الأهقار، لاستقبال شهر رمضان المبارك على غرار باقي عائلات الوطن باستعداد خاص وتحضير استثنائي يليق بمكانة الشهر، من أجل استقباله في أحسن الظروف، ما بين عادات وتقاليد راسخة ومصاحبة له، وإضافة أخرى حديثة فرضها التطوّر والتغيير الحاصل بالمجتمعات في شتى المجالات، لتبقى متميزة بطابع خاص كميزة الشهر الكريم عن باقي الأشهر الأخرى.

تستقبل العائلات «الهقارية» الشهر الكريم، بتحضير العديد من المستلزمات، وهذا منذ الأيام الأخيرة لشهر شعبان، على غرار حملات تنظيف المنازل، خاصة المطبخ وتجديد الأواني المنزلية، مع تحضير كل المستلزمات الضرورية التي يتطلّبها تحضير مائدة الإفطار السحور في شهر رمضان، وترافقها عدد من الأطباق العصرية التي أصبحت مشهورة حاليا، كل هذا في أجواء يميزها التضامن والتكافل بين أفراد المجتمع.
ولعلّ أهم ما يصاحب مرحلة التحضيرات الأولية، لاستقبال الشهر الفضيل في تمنغست، هو اقتناء ما يعرف بـ»زنبو» لدى سكان المنطقة، فهو عبارة عن قمح ينتج محليا من السلالة الصحراوية الخالصة، وبالضبط من المنطقة المسماة أبلسة 100 كلم عن عاصمة الأهقار، حيث يتمّ تحضيره رفقة بعض التوابل على غرار «القصبر» والأعشاب «الوزوازة» بعد طحنه، ليصبح عبارة عن طحين جاهز للطهي ليعطينا ما يعرف بـ»الحساء» يتمّ تناوله كأحد الوجبات الرئيسية والضرورية، على غرار «الفريك» في ولايات أخرى.
في نفس السياق، تضيف سعيدة أسوني، رئيسة جمعية «الأصل إيموهاغ» المهتمة بالتراث المحلي، بأن الشهر الفضيل ورغم العصرنة التي مسّت جميع جوانب الحياة، والتي لم تسلم منها مائدة العائلة «الهقارية»، لا يزال سكان الأهقار في الشهر الفضيل يقبلون على طبق اللحم المطبوخ في أواني الطين، بالإضافة إلى بعض الأكلات الدخيلة، كـ»البوراك» الذي اكتسح موائد الإفطار التي تزداد تميزا بتحضير كؤوس الشاي الثلاثة، المطهية فوق الجمر، تاركين وجبة العشاء والأطباق الأخرى من سلطة وفواكه ومقليات إلى ما بعد أداء صلاة التراويح.

حملات تنظيف للمدينة والمساجد

مع بداية شهر الصيام والقيام، فتحت المساجد أبوابها لأفواج المصلين «اللاهثين» وراء النفحات الربانية، حيث أطلق نشطاء جمعويون تحت لواء ما يسمى بـ»اتحاد الجمعيات» حملات تطوعية تنظيفية لمختلف مساجد المدينة وحتى محيطها وأحيائها، في خطوة ميزها روح التضامن ومشاركة نسوية قوية خاصة بأحياء «الحفرة» و»أدريان» وغيرها، رافقتها حملات تنظيف كبرى بإشراف السلطات المحلية للمدينة بداية كل أسبوع، أين مكّنت آخرها من رفع 377.44 طن من النفايات بـ63 حمولة، حسب ما أكده مدير الردم التقني بعاصمة الولاية قويدر خيلولي.
تزينت بيوت الله لاستقبال من وجد بين جدرانها البركات والرحمات الربانية لتتعالى عبر مآذنها أصوات التكبير والترتيل، ليكون شهر القرآن للذكر وتدبّر معاني الفرقان، لتتحوّل صلاة التراويح الجوهرة التي تزين ليالي شهر الصيام، فالكل معني بها من كبار صغار وشيوخ، نساء ورجال، الكل تتسارع خطواته للظفر بالنفحات الربانية.

التكافل والتضامن عادة متواصلة

في خطوة تتميز بها المنطقة منذ القدم، وحبا من العائلات في غرس التضامن والتكافل الاجتماعي بين أفراد مجتمع «الأهقار»، خاصة لدى الأجيال المستقبلية، تقوم العائلات بتبادل أطباق المأكولات فيما بينها وتوزيعها على المحتاجين، كما تتميز مساجد المنطقة قبيل كل إفطار بتواجد موائد الفطور أمامها، من أجل إفطار عابري السبيل، إلى أن أصبحت مع مرور الوقت تنظّم موائد كبيرة خاصة في الأحياء الشعبية، على غرار حي «تهقارت» الشرقية فاطمة الزهراء بعاصمة الأهقار، حيث أكد القائمون عليها - في هذا الصدد - أن العمل جار من أجل تنظيم مائدة إفطار عابر السبيل، للتكفل بإفطار جماعي طيلة الشهر الفضيل، في جو أخوي يعبر عن روح التضامن والتآخي يجمع مختلف شرائح المجتمع، وحتى مواطني دول الجوار من الساحل الإفريقي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024