الأمين الوطني لاتحاد التجار والحرفيين يوسف قلفاط لـ «الشعب»:

العادات الاستهلاكية الرمضانية تسببت بتراجع نشاط المخابز

فايزة بلعريبي

استمرار دعم أسعار السميد والفرينة وانتظام التموين رغم تذبذب الأسواق العالمية

لا تستثنى صناعة الخبز من الإبداع والتجديد ككل الأطباق، التي تعدت مهامها من سد لرمق الجوع إلى مجال للتنافس والتطوير، لتصبح أحد الفنون التي تسعى كل سيدة وربة بيت الحصول على مرتبة الجدارة بها. فمن ذلك الخبز الذي كان يجمع أفراد العائلة حول فنجان القهوة أو مائدة الغذاء إلى أنواع لا تحصى من خبز السميد المرصع بحبات الجلجلان، وآخر يحمل بين منعرجاته المنحوتة بأنامل مبدعة، حبات زيتون تحدّت ملوحتها ذوق الحليب والزبدة، الذي انضم إلى قائمة المقادير لصنع البريوش العادي أو المحشي بأنواع الكريمات. الأصناف متعددة والتنافس بينها لم يحبط يوما من معنويات المطلوع الذي لم يستغن عن أصالته، وبقي دوما عنوانا لجود العائلة الجزائرية، مجبرا الخبازين على تقليص إنتاجهم من مادة الخبز، فعلى طاولة الإفطار فرص «البولونجي» تبقى ضئيلة أمام «المطلوع».

تتسابق سيدات البيوت إلى إرضاء عائلاتهن، من خلال محاولتهن الدائمة لكسر الروتين الغذائي وذلك باللجوء إلى التنوّع والتجديد الذي غالبا ما يرقى إلى مرتبة التفنن. قاعدة لا تستثني مادة الخبز ولا يمكن أن تسلبها لقب «سيد المائدة « الذي تتقاسمه مناصفة مع طبق الشربة الأصيل، فبحلول شهر رمضان تهرع سيدات البيوت إلى المطبخ، أحد أركان البيت المهمّة خلال شهر رمضان، ومصدر لإنتاج أشهى الأطباق، بما فيها الخبز بشتى أنواعه، مما جعل  إنتاج المخابز يتراجع تلقائيا خلال شهر رمضان ككل سنة بـ50 بالمائة، حسب ما أدلى به رئيس اتحاد التجار والحرفيين، يوسف قلفاط، في اتصال أجرته معه «الشعب»، حيث أوضح من خلال عملية حسابية، أن المخابز خلال الشهر الفضيل، تستعمل 4 قناطير في اليوم من مادة الفرينة، بعد أن كانت تستعمل  8 قناطير من الفرينة في اليوم، من أجل إنتاج  450 خبزة/اليوم، مرجعا ذلك إلى التغير في النمط الاستهلاكي الذي تفرضه عادات المجتمع الجزائري وطقوس مائدة الإفطار الرمضانية وما تحتويه من وجبات قارة، نجحت في منافسة قطعة الخبز، كالبوراك، وقطع البيتزا الصغيرة التي أبى المطبخ الايطالي، إلا أن يترك بصمته عن طريقها.
وقد اشتدت وتيرة المنافسة بين الخبز التقليدي ومنتوج المخابز، خاصة بعد أن اتخذت منه بعض العائلات نشاطا تجاريا رسميا لها. حيث أن بعض المخابز بالمناطق النائية، حيث ترفض العادات الاجتماعية كل ربة بيت لا تقوم بطهي خبز المطلوع في بيتها، واتهامها بعدم البيتوتية والتقصير في تسيير شؤون عائلتها، تضطر إلى التوقف عن النشاط خلال شهر رمضان بسبب عدم قدرة إنتاجها من مادة الخبز على تغطية الأعباء المترتبة عن نشاطها. خاصة وأن المخابز، يضيف المتحدث، شأنها شأن أي مؤسسة اقتصادية مصغرة لها ما لها من الأرباح وعليها ما عليها من تكاليف الضرائب وأجور العمال والكراء وفواتير الكهرباء والغاز، إضافة إلى المادة الأولية المتمثلة في السميد والفرينة التي يتم تموينهما بصفة منتظمة من طرف المطاحن.
وفي هذا الصدد، اغتنم يوسف قلفاط الفرصة ليشيد بالجدية والانتظام الذي سجله تموين المطاحن للمخابز بمادتي السميد والفرينة والنوعية الجيدة للمادتين، كما ثمن التزام الدولة بدعم هاته المادة الأساسية لغذاء المواطن الجزائري، خاصة في ظل ارتفاع أسعارها عالميا ورواج شائعات عن شحها على مستوى المطاحن، لتأتي جهود الدولة والنتائج الواضحة مفندة لكل هذه الشائعات.
 وعن العوامل التي أدت إلى تقليص كمية الإنتاج، ناهيك عن تلك التي تفرضها العادات الاستهلاكية والاجتماعية في شهر رمضان، قال يوسف قلفاط إنها تتنوع بين ظروف موسمية كالعطل المدرسية والمناسبات الخاصة كشهر رمضان، أين يتوقف الطلب على الخبز من طرف مختلف المؤسسات من مطاعم الجامعات والمدارس، المتعاقدة مع المخابز من أجل تموينها بمادة الخبز خلال أوقات نشاطها. وأخرى تخضع للمعطيات والعمليات الاقتصادية بشكل عام خاصة ما تعلق بمادة الخميرة، كأحد المكونات الأساسية التي تعتمد عليها صناعة الخبز، حيث تجد بلادنا نفسها مجبرة على استيراد هذه المادة من الخارج، تحديدا من الصين وتركيا وفرنسا، في غياب مصانع لإنتاج هذه الأخيرة التي تضاعف سعرها من 320 دج/كلغ إلى 720 دج/كغ.
 بالنسبة للظروف المحيطة بصناعة الخبز، شدد المتحدث على ضرورة التوقف عند تلك التي يعمل ضمها الخبازون، خاصة في فصل الصيف أين يجد الخبازون أنفسهم بين نارين، درجة حرارة فصلية تصل إلى 40 درجة مائوية، وما يفوق ذلك بالمناطق الجنوبية، ودرجة حرارة الفرن التي لا تقل عن 250 درجة مائوية. إضافة إلى الأمراض التي تتربص بصحة الخبازين على غرار أمراض الربو، بحكم مزاولة نشاطهم بأماكن مغلقة تفتقد للتهوية، بالإضافة إلى أمراض القلب والضغط الدموي ليصل تهديد صحة الخباز جراء الممارسة الطويلة لهذه المهنة إلى احتمالات الإصابة بسرطان الرئة، مما جعل الاتحاد الوطني للخبازين يرافع بقوة من أجل تصنيف عمل المخابز ضمن قائمة الأعمال الشاقة، مستندا إلى المعطيات السابقة الذكر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024