«الشعب» ترصد آراء المستهلكين حول الميزانية العائلية

هذا حجم إنفاق الأسر الجزائرية في رمضان

فايزة بلعريبي

معوزّون تكفلهم قلوب رحيمة وسياسة اجتماعية عادلة

اختلفت قيمة الميزانية المخصّصة لشهر رمضان، وأجمعت بعض الآراء حول اضطرار العديد من العائلات إلى فتح علبة المدخرات، لتلعب دور بنك مركزي لتموّل ما تبقى من أيام الشهر، في ظل كثرة النفقات ويضاف إليها سهرات مجاملة عائلية وكسوة العيد، كلها تنسف الميزانية وتستخرج المدخرات من أجل قضاء شهر صيام، يكون التكافل والرحمة وإطعام الجائع وفرحة اليتيم بكسوة العيد.

اختلفت نفقات العائلة الجزائرية خلال شهر رمضان، وذلك حسب طريقة تسييرها للميزانية، فمنها من اعتمد على تلبية الضروريات لتخفيف الأعباء في حين خصّصت أخرى ميزانية كبرى ادخرتها طيلة أشهر  من أجل شهر رمضان، في أريحية ودون اللجوء إلى الاستدانة من الأهل والأصدقاء المقربين، حيث أجمعت العائلات التي التقتها «الشعب»، أن مصاريف شهر رمضان تختلف عن بقية الأشهر، بل كانت استثنائية هذه السنة، بالنظر إلى ارتفاع الأسعار الذي شهدته العديد من المواد الواسعة الاستهلاك، إلا أن الأغلبية تتّفق على أن كل عائلة تنفق حسب ميزانيتها الشهرية.
وفي هذا الصدد، أجابت «عائشة» من بلدية زرالدة لـ «الشعب»، أن زوجها عامل يومي لا يتعدى راتبه 40 ألف دج، وقد أجبرت على إنفاقه، بل ولجأت إلى الاستدانة خلال هذا الأسبوع الأخير من شهر رمضان، خاصة أننا على أبواب استقبال عيد الفطر المبارك، فتحضير الحلويات، تقول محدثتنا، يتطلب شراء اللوازم والمقادير، ما يستنزف ما تبقى من المال المدخر الذي وصل إلى 8 آلاف دج. وعن سؤالنا عن ملابس العيد، استطردت في ارتياح بدا من خلال تعابير وجهها أن الملابس قد تم اقتناؤها قبل شهر رمضان من مدخرات الأشهر الماضية، ممّا سمح لها التفرغ بتلبية متطلبات المائدة الرمضانية.

 ميزانية قارّة لـ «قلب اللوز» و«الزلابية»

 من جهته، صرّح «محمد» من تيبازة، أنه أنفق 70 ألف دج دون احتساب المصاريف اليومية الخاصة بـ «قلب اللوز» والزلابية وغيرها من الحلويات مما تشتهيه الأعين قبل البطون، حيث تكلفه كماليات السهرة الرمضانية ما قيمته 1500 إلى ألفي دج يوميا. أما «ناصر»، موظف بشركة وطنية، يتقاضى 50 ألف دج، ولم يخف أن راتبه لم يمكنه من تلبية كل حاجيات عائلته خلال الثلاثة أسابيع الأولى، مما اضطره إلى الاستدانة، خاصة وأن ملابس العيد لوحدها كلفته 20 ألف دج، إضافة إلى مشتريات حلويات العيد التي لن تكون بكميات كبيرة وأنواع متعددة هذه السنة.
«الطاهر» هو الآخر ظهرت عليه ملامح العيش الميسور، قال أنه أنفق 130 ألف دج خلال الأسابيع الثلاثة الأولى، مبررا ذلك أن هذا الزائر، لا يأتي إلا مرة من كل سنة، حيث اعتبره من الفرص القليلة التي تجمع العائلة حول مائدة الإفطار، وبالتالي فلا ضرر إن كانت هناك بعض المبالغة في تزيين الطاولة بأفخر المأكولات والاجتهاد في تقديم أحلى الحلويات في مناسبة ليست ككل المناسبات، فحسبه لا شيء يعدل لمة العائلة، ورؤية السعادة في نظرات والديه وهما يمتّعان أعينهما بلمّة الأبناء والأحفاد.

 ميزانية تكميلية لقضاء آخر أيام رمضان

 «كريم» هو الآخر كان من بين من استوقفتهم «الشعب»، وهو منهمك في اقتناء بعض الفواكه حيث كان يختارها بعناية ويحرص أن لا يفوت أي نوع منها، فبين حبات من الموز الذي انخفضت أسعاره هذا الأسبوع حيث وصلت إلى 300 دج، وعلبة من الفراولة وتفاحات كان من الواضح أنها قادمة من حقول متيجة. وقد بدا دقيقا في حساباته ممّا ينم عن مزاولته لمهنة في تخصص من التخصصات المالية، حيث أجابنا إن الميزانية الأسبوعية لشهر رمضان، تتراوح بين 25 إلى 30 ألف دج/أسبوعيا، يتم إنفاق الجزء الأكبر منها أي حوالي 70 % على المواد الأساسية من لحوم مختلفة بين حمراء وبيضاء، وحتى المواد التي أضحت هي الأخرى من الأوليات التي يجب على المواطن أن يرتاد القصابة في وقت مبكر من أجل الظفر بها، إضافة إلى المواد الغذائية المعلبة وغير المعلبة. فيما يخصص ما نسبته 20 % للحلويات الرمضانية وما أكثرها جذبا للشهية، أما 10 بالمائة المتبقية، فهي مخصصة لقضاء السهرات الرمضانية في الخارج مع العائلة أو الأصدقاء. غير أن منحنى هذه الميزانية، يبدأ في التهاوي مع بداية الأسبوع الأخير من شهر رمضان، ويرجع ذلك أساسا إلى التحضيرات الخاصة بعيد الفطر، التي تتطلب ميزانية تكميلية لاقتناء مستلزمات الحلويات وملابس العيد، ليصبح معدل الميزانية المتوسطة لشهر رمضان كاملا متأرجحة بين 120 إلى 150 ألف دج.

لـمّة العائلة لا تقدّر بثمن..

 أما أمّ «وسيم»، فتقول أنها لم تتمكن خلال شهر رمضان المبارك من التحكم في ميزانيتها، بسبب كثرة الطلبات، فلم يكن بإمكانها الموازنة بين مصاريف الشهر الكريم ومدخولها الشهري، مما اضطرها إلى فتح صندوق المدخرات بغية تلبية كافة حاجياتها، خاصة وأن الشهر الفضيل تزامن ومناسبة عائلية تمثّلت في سفر الوالدين إلى البقاع المقدسة لأداء مناسك العمرة، عرفت إقبالا لكافة أفراد العائلة الصغيرة والكبيرة من أجل تهنئة الوالدين بإتمام هذه الشعيرة المقدسة، مما جعل مصروف الشهر يتضاعف مرتين، وينسف ما تبقى من المدخرات.

 للمحتاج نصيبٌ في الميزانية

 ووقفت «الشعب» كذلك عند فئة أخرى ميزانيتها ضعيفة، لأنها ليس لديها راتب شهري، إلا أنها يكفيها من الحظ أنها تنتمي إلى دولة التزم رئيسها بصون كرامة المواطن، وجعل منها أولوية طيلة أيام السنة، فما بالنا بشهر لا يقبل لا صيامه ولا قيامه إن غابت الرحمة والتكافل، واستبدلت القلوب السليمة بأخرى جاحدة لنعمة الستر المالي، ومنعتها عن غيرها من المحتاجين. توقف فريق «الشعب» عند أحد مرتادي مطعم الرحمة الذي تنظّمه جمعية الرحمة لولاية تيبازة، وكم كان وقع كلمات عمي «السعيد» منتقدا للجاحدين وهو يشكر الله على نعمه، مشيدا بالهبة التضامنية للمحسنين من مموّلي الجمعية، فرغم غياب المال فالاطمئنان والرضا كانا حاضرين في نبرات صوته، وكيف له أن لا يطمئن وهو في كنف دولة يسهر رئيسها والميسورون من أهلها وشبابها، على أن لا يكون بها لا جائع ولا مريض ولا متشرد، فسهرت الجمعيات الخيرية على تنظيم القوافل إلى أقصى نقطة حدودية وقوافل الأطباء التطوعية وجمعيات الشباب المتطوع من أجل إطعام عابر السبيل عبر الطرقات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19467

العدد 19467

الأحد 12 ماي 2024
العدد 19466

العدد 19466

الجمعة 10 ماي 2024
العدد 19465

العدد 19465

الأربعاء 08 ماي 2024