تعتبر المنطقة السياحية «ماما بينات» المتواجدة في منطقة حواء الساحلية في الجزائر قبلة للسياج الأجانب الذين يفضلون هذه الوجهة من أجل التبرك بضريح الولية «ماما بينات»، التي تعود قصتها إلى 1802 عندما أبحرت السفينة الحربية الهولندية ‘’البنال’’ ضمن أسطول مشكل من 7 سفن، حيث كانت تحمل على ظهرها 200 بحّار وعددا من النساء التي تقول الروايات إنهن راهبات مسيحيات.
وتذكر كتب التاريخ، أنه في عام 1796 توجّهت باخرة حربية من ميناء «تولون» في فرنسا في اتجاه مستعمرة «لويزيانا»، للقضاء على تمرّد حصل هناك، الباخرة المسماة ‘’لوبانال’’ كان على متنها أكثر من 200 بحّار تحت إمرة ربّانها وفرقة عسكرية مكونة من 500 جندي وتذكر بعض الروايات أنهم كانوا برفقة عائلاتهم، وهي مجهزة تجهيزًا عسكريا.
اعتقد قائد السفينة في البداية، أنهم في السواحل الإسبانية لكن تبيّن بعد ذلك أن العاصفة قد أخذتهم بعيدًا بعد موت معظم ركّاب السفينة وكان من بين الناجين راهبات مسيحيات اختلفت الروايات حول عددهن بين 9 نساء و3 منهن «لوزة» الصغرى، «هيلات» تعتبر أول مدرّسة للغة الفرنسية، «ماري» قيل إنها تزوجت في منطقة «تمزقيدة»، وفي الواقع تزوجن جميعًا حسب الروايات، لكن المرأة المهمة والتي هي الأكبر سنًا بينهنّ الأم «جيان» التي لقّبت ‘’ماما بينات’’، والتي كانت لها قصة مع سكان بني حواء الذين ما زالوا يذكرونها إلى اليوم.
وكانت ‘’ماما بينات’’ ممرضة تجاوز عمرها 50 عامًا، وتشير الروايات إلى أنّ الأم «جيان» لقّبت باسم «ماما بينات» لكونها أكبر الراهبات سنًا، كنّ يحترمنها وينادينها بالأم، وكانت ممرضة المنطقة ويقصدونها من كل المناطق المجاورة، وكانت تعالج بعض الأمراض بواسطة الأعشاب الطبية التي كانت تجمعها من المنطقة الجبلية، ونظرًا لأنها أتت بأمور جديدة كان السكان يظنوها والّية صالحة، حسب الاعتقاد الذي كان سائدًا فأصبحوا يحترمونها، ووضعوا لها مكانة خاصة وأصبح الناس يقصدونها من كل مكان للتداوي على يديها، وحققت نجاحات في مجال الطب والإرشاد وتوعية المواطنين.
وأقيم لها بعد وفاتها ضريح في المنطقة، تم بناؤه قبالة البحر وأعيد بناؤه من طرف المعمّر «برتولوتي»، الذي أخذ معظم أراضي بني حواء إذ اهتم بالأسطورة واستعملها لأغراضه التجارية، كان ذلك بعد سقوطه في زلزال 1954 والمعروف عن هذا المعمّر أنه كان قد غرس أشجار التين التي نبتت قرب الضريح وهنا اكتمل ظنهم بأنها مقدّسة، وغذى المستعمّر الفرنسي هذا الاعتقاد باستعمال هذه الشجرة لأغراضه التجارية حين قام ببناء مصنع لمربى التين، الذي لا يزال موجودًا إلى اليوم في بني حواء، حيث لاقى المشروع نجاحًا كبيرًا مع العلم بأن المنطقة هي منطقة الكروم كما سميت.
وتتراوح القصة بين الحقيقة والخيال أوالأسطورة، والدليل الوحيد على أن قصة غرق سفينة «البانيل» قصة حقيقية هي المحركات والمدافع التي كانت بالسفينة، والتي لازالت حتى اليوم في الشواطئ الساحلية في بني حواء، لتبقى الروايات الأخرى التي نُسجت بشأن الراهبات مجرد روايات شعبية تداولها سكان المنطقة، تبقى في حاجة إلى عديد البحوث والدراسات للتأكد من حقيقتها، فقد نسجت عقب وفاة ‘’ماما بنيات» قصص غريبة وأساطير محيرة، من ذلك ما يرويه السكان المحليون أنه بعد وفاة هذه الراهبة في زي ممرضة، نبتت حول قبرها شجرة كانت بمثابة الحاكم الذي يفصل ما بين المتخاصمين، ويرد المظالم إلى أهلها، وكان الناس يأخذون كل من اقترف ذنبًا أو جرمًا إلى هذه الشجرة، ويضع رأسه ما بين أغصانها ويقسم بأنه لم يقترف ذلك ‘’الذنب’’ ويكون ‘’الحكم’’ للشجرة على مدى صدق هذا الشخص من عدمه.