الرأي

قوة «ضائعة»

سعيد بن عياد
31 جويلية 2018

ما عدا نسبة قليلة أعدت تموقعها في النسيج الاقتصادي، شريحة واسعة من المتقاعدين تعيش على هامش الدورة الاقتصادية لغياب برامج جوارية ملائمة تدمجهم في ديناميكية الحياة الاقتصادية والاجتماعية المحلية.
إنهم خلاصة «قوة ضائعة» يحملون خبرات وتجارب لا تقدمها مدارس أو معاهد في مختلف النشاطات والمهن فيمكن الاستفادة منها لو يبادر القائمون على الشأن المحلي لاستقطاب ما أمكن ممن لا يزال لديهم قوة ذهنية وبدنية وتوظيفهم في مشاريع بأقل كلفة.
في فترات الصيف يمكن الاستعانة بالمتقاعدين في تأطير أطفال وشباب الأحياء وخلال السنة يمكن اللجوء إليهم لانجاز خدمات ذات منفعة عامة مقابل منح تعويضية أو أجر لا يكلف الجماعات المحلية الكثير من جهة  ويوفر من جهة أخرى للمعنيين دخلا إضافيا.
في بلدان متقدمة لا يترك المتقاعد خارج الدورة الإنتاجية وإنما يستفاد منه بمختلف الأشكال خاصة في القيام بنشاطات تتعلق بالبيئة وتحسين الإطار المعيشي داخل المجتمع الذي لا يمكنه أن يتقدم نحو الرفاهية بدون إشراك كافة أفراده.
أكثر من هذا يسجل غياب بارز للمجتمع المدني في الاهتمام بهذه الفئة التي، للأسف، تشكلت حولها صورة نمطية تصنفها كعالة على المجتمع، بينما لديهم قيمة مضافة يمكن استثمارها في دواليب العجلة الاقتصادية والاجتماعية.
على سبيل المثال، كم من حديقة عمومية أو مساحة غابية أو شاطئ يعاني الإهمال، وكم من محيط لمدارس عرضة للتسيب وحوادث المرور، وكم من دور للشباب تفتقر لتأطير نوعي، بينما يقف المتقاعدون على مستوى الحي أو المدينة والقرية في حيرة وتحسر لشعورهم أنهم منبوذون وقلبهم يعتصر رغبة في التأكيد على الوجود  واثارة اهتمام المحيط بهم. فئة المتقاعدين من الجنسين قوة ضائعة تتبخر طاقتها كل يوم نتيجة فراغ أو تهميش بينما يحمل أفرادها قوة لا يستفيد منها المحيط العائلي والجوار الحضري.
هناك مجالات واسعة تستوعب هذه الفئة ممن لديهم إرادة على غرار الرياضة وتأطير رحلات وتنشيط خرجات، لو تسعى بلدية أو جمعية في كل التراب الوطني لإطلاق خدمات ذات منفعة عامة بأقل كلفة ولا مجال فيها للربح.
لذلك، ينبغي إعادة صياغة  التوجهات الخاصة بالتنمية البشرية بإدماج المتقاعدين في برامج التنمية المحلية ومنحهم موقعا ملائما قدر ثقلهم ووفقا لجهدهم فيندرج في إطار التكامل بين الفئات ليتحقق التوازن الاجتماعي والتكامل ببن الأجيال.
 في فصل الصيف مثلا يمنح الخرجات إلى البحر مساحة لهكذا توجه، لكن  لا نرى بصيص اهتمام من البلديات والجمعيات المستفيدة من تمويل عمومي تجاه المتقاعدين حتى يرفع عنهم الغبن فيستعيدون طعم الحياة كبشر لديهم كامل الحقوق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024