المشهد في ليبيا لا يبعث على الاطمئنان وهناك أياد لا تزال تعبث بمصير هذا البلد المنهك من خلال الدفع بالأمور إلى المواجهة لإجهاض أي مسار سياسي سلمي قد يخرج من تحت عباءة الامم المتحدة عبر بعثتها إلى ليبيا ، مسار من شأنه أن يسد ذريعة التدخل العسكري مجددا في هذا البلد الغارق في دوامة الفوضى و الاقتتال، جرّاء التدخل الفرنسي الأطلسي سنة 2011 مما يعني أن أي تدخل جديد لن يزيد إلا من إغراق ليبيا في الفوضى أكثر و يبعد أي أمل في إيجاد حل يكفي الليبيين شر القتال.
تصريحات خليفة حفتر - الذي لا يسيطر إلا على أقل من 03 من المائة من التراب الليبي- حول الجزائر لم تكن في حقيقة الأمر تهديدا بتحويل الحرب إلى الحدود الجزائرية - كما يدعي – لأنه يعلم أنه ليس أهلا لذلك و كل المعطيات العسكرية و الجغرافية تؤكد أن ما قاله حفتر هو مجرد تخاريف و لكن الذي يتمعن جيدا في تصريحات حفتر يكتشف أن الأخطر فيها ليس التهديد بحد ذاته و لكن محاولته اليائسة لضرب الثقة التي تحظى بها الجزائر لدى كل الأطراف الليبية و من بينها حتى بعض المقربين من حفتر نفسه ؟ و ما قاله حفتر حول اختراقات الجيش الجزائري للأراضي الليبية و أن الجزائر استغلت الوضع في ليبيا لتنتهك حرمة أراضي بلاده دون مراعاة لأواصر الأخوة و غيرها من الادعاءات و الأكاذيب كان الغرض منها دغدغة عواطف الليبيين و تأليبهم على الجزائر و ضرب دورها في ليبيا أو تصويره على أنه دور مريب و مبهم في أحسن الأحوال .
يذكرنا هذا بما حصل سنة 2011 عندما اتهمت حينها الجزائر بأنها تدعم القذافي و تقف في وجه تطلعات الشعب الليبي ليتبين فيما بعد أن ذلك كان من أجل إسكات صوتها تمهيدا للتدخل العسكري الذي حصل في ليبيا الذي كانت تعارضه الجزائر بشدة ، مما يؤكد أن الأطراف نفسها التي تدخلت عسكريا في ليبيا هي التي أوحت إلى حفتر للتفوه بذلك الكلام غير المسؤول و هي من تدفع بالأوضاع إلى التعفن في هذا البلد للترويج لتدخل عسكري ثاني.