أظهرت سوء الأحوال الجوية التي عرفتها بعض ولايات الوطن الكثير من الحوادث الأليمة تسببت في ازهاق أرواح أبرياء وفاضت الوديان النائمة وغرقت المدن في التنور، معيدة إلينا صور كارثة الثلاثاء الأسود بباب الواد.
المشاهد نفسها تكررت في تبسة، تندوف، اليزي، سيدي بلعباس، جرمة بباتنة، وقسنطينة أكثر ضررا مقارنة مع سابقاتها، فتكررت المشاهد ويدفع المواطن وعابر الطريق ثمن دراسات مسحية لم يراع فيها اصحابها خطر الوديان عديمة الجريان أو ما يعرف بالوديان النائمة، ما عرفناه في تاريخ أجدادنا ان الوديان تحتجب و تنام نومة تشبه العدمية، لكنها تستفيق من سباتها مجرد أن تلمسها الزخات الأولى من الأمطار الموسمية، لتحول السكون إلى كارثة لا تبقي ولا تذر.
فيضانات تبسة وجرمة وقبل يومين ببلدية زيغود يوسف بعاصمة الشرق حملت الوديان الفائظة مركبات من كل الأحجام وأغرقت الطرق ومنعت حركة السير، محولة الأمكنة إلى ركامات متناثرة من الحديد والأحجار والطمي والأتربة الجبلية، وفي لحظة خيم الذعر على السكان والمارة واستحال تدخل المصالح لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وحدث الذي لم يكن في بال أحد.
تبقى الأودية مهما كان حجمها أو عدم جريانها، فهي موت يخيم على الأمكنة في أي لحظة كانت، وبالتالي الدراسات المسحية التي جعلت من مشارفها مناطق سكنية وعلى حوافها طرق وطنية، هي في الحقيقة مغامرة كبيرة، لأن إنجاز أي منشآت مهما كان نوعها كان عليها ان تستبق بعرض التربة على مخابر التحاليل الجيولوجية لمعرفة مدى تحمل هذه الأرضيات لنوعية المركبات والمعادن التي شيدت فوقها هذه البنايات والمنشآت العمرانية، المياه تعرف طرقها وضفافها، فهي من تختار ساعة العبور، ولحظة المرور، ولا تستشير أحد.