يرى الأستاذ صويلح بوجمعة بأن المصالحة لا تنحصر في الإطار السياسي فقط بل لها إمتدادات ذات الصلة الوثيقة بالمسائل المادية الناجمة عن تداعيات الأعمال التخريبية التي تعرض لها الأشخاص في ممتلكاتهم وإلى غاية يومنا هذا مازال هؤلاء ينترون تعويضاتهم، غير أن الإدارة لم تتفاعل مع هذه الملفات.
وقد أصر صويلح على هذا الطرح النابع من تقييمه لسيرورة الأحداث منذ ١٣ سنة من عمر المصالحة، بالرغم من أننا حاولنا إقناعه من خلال النقاش في «ضيف الشعب» بأن المصالحة الوطتية ليست آلية تقنية بل هي خيار سياسي حاسم لم يأت من العدم بل هو نتاج أوضاع صعبة عاشتها الجزائر، كان لابد من حل آجل أو عاجل، وعد تضييغ المزيد من الوقت.
وما تضمنه المصالحة الوطنية ليس إجراءات إدارية جافة لتسوية وضعية فلان أو علان، وإنما هي منظومة من القيم الحامل للتسامح والصفح الجميل والتضامن، القبول الآخر، كان علين المحافظة عليها لتكون مرجعية واضحة المعالم للأجيال القادمة.
وأي خروج عن هذا النطاق، يعني أننا بصدد تمييع هذا المسعى ومحاولة إدراجه في تضييق غير الذي أريد له، بتغليب رؤية لم يأت بها بتاتا وإنما هي من وحي تخمينات وإستنتاجات لا أثر ولا أقل، وعليه فإن تحميل المصالحة أكثر مما يتطلب الأمر قد تؤدي بأصحابها إلى السقوط في مطب الترويج لأفكار لم تأت بها أبدا.
لأن الشغل الشاغل لصانعي هذا المشروع السياسي الأمني والإجتماعي، هو عدم تكرار الوقوع في الأخطاء التي ارتكبها الآخر ومحو تلك الأثار المترتبة عن ممارسات متطرفة إستغلت الأوضاع قصد قتل العقل الجزائري المبدع والخلاق، الصانع للمعجزات، وإبطال مفعوله لسنوات كما عشنا ذلك.
هذا ما أريد من لب أو جوهر المصالحة، أي توثيق كل الأعمال الهمجية التي تمس بأركان الدولة وهبتها، ورفض أن تنتج من جديد، وهذا عن طريق تشريع محكم يؤطر تأطيرا قويا أي مسعى في هذا الشأن.
أما ما تبقى فذلك من صلاحيات الإدارة فلا نخلط مابين هذه المبادرة السامية الفريدة، وما تحمله من توجهات سياسية هدفها المبادرة السامية الفريدة، وما تحمله من توجهات سياسية هدفها البعيد عدم تكرار ظاهرة تخريب البلد، أو بالأحرى عدم السماح لهؤلاء الذين أضروا بالبلد بالعودة ثانية إلى صدارة الأحداث أو التأثير فيها.
