أرادوه ربيعا فكان بردا وسلاما

نورالدين لعراجي
05 أكتوير 2018

حاولت القوى الضلامية المأجورة  تفجير الوضع في الجزائر واختارت الـ5 من اكتوبر تاريخا وموعدا لدخول البلد في نفق مظلم ، حركت من خلاله الشارع فأنتفض الشباب عن بكرة ابيه ولم يجدوا ما يشفي غليلهم من تبعات الازمة الاقتصادية الا الاروقة الجزائرية والمؤسسات العمومية والقطاعات التي تأثرت بفعل السياسة الاصلاحية التي اعتمدتها الحكومة انذاك للتخلص من العجز والبطالة ، ومجابهة المديونية ،جراء غلق المؤسسات وتسريح العمال .
كان فجر اكتوبر ذلك اليوم اسودا ،بفعل الغازات السامة وعمليات الحرق العشوائية التي اصابت واجهة البنايات العمومية ، واختلط الانتقام بالدماء ، فلم تجد الجزائر نفسها إلا صورة سوداوية، زادها التهويل الاعلامي غيضا ، مثل الذي يصب الزيت على النار ويقول لها لا تشتعلي .
الذين  عايشوا الاحداث كانوا يدركون جيدا ،من قام بتدبير المؤامرة ، ومن افتى للشارع بالتحرك ،ولماذا اختير ذلك  اليوم بالذات ، ببساطة لانهم راهنوا على ان تدخل الجزائر في دوامة لا اول ولا اخر لها ، ويبقى هؤلاء من خلف الستار يراقبون الوضع عن كثب ، لان مصالحهم محفوظة مصونة في الضفة الاخرى من المتوسط ، وما عليهم  إلا انتظار ساعة  الحسم للتدخل تحت غطاء المنظمات غير الحكومية  ،ليكونوا هم احق بقيادة البلاد من غيرهم ، ويكون الموقف قد حسم  فيه اعداء الوطن بأن يتولوا زمام الامور من بابه المتأزم ، فهي تشبه تركة الرجل المريض ويملك هم واجب التدخل .
لقد من الله على الجزائر ان جعلها بلدا آمنا وأكرمها بدماء الشهداء ، ومنحها طينة الشرفاء والمخلصين ممن حافظوا على وحدتها وساهموا في بناء عزها ومجدها في السر وأحيانا في العلن ، لم تغنهم المناصب ولا الجاه ، فقادوا السفينة الى بر الامان ، الى ان جاء دستور89 اشرقت الجزائرعلى ميثاق شرف جديد ، منحها التعددية السياسية  والإعلامية وخيرها بين أن تبقى في ظل الحزب الواحد او تختار لها بديلا غيره ، وحدث الذي راهن عليه الشرفاء ، فكانت الصدمة مرة اخرى ، دوامة العنف من جديد ودخل الوطن نفقا اكثر ظلاما من موعده الاول ، وفقدت الجزائر على اثره خيرة ابنائها  وبناتها ، وتدهورت مكانتها  فكانت في اخر المراتب ، ولم يعد لها حضورا بالمرة .
فمن الله على الجزائر ان استعادت عافيتها وآمنها وسلامها وخرجت من نفق الارهاب سالمة معافاة ،  ولم يعد الـ 5 من اكتوبر إلا منعرجا مفصليا في تاريخها الحديث المتجدد مع ابنائه وجيرانه  .
30 سنة تمر على ذلك اليوم العاصف فتحيلنا تلك المحطة  الى طرح السؤال المتجدد ،اي وطن نريد ه اليوم؟   فأولئك الذين راهنوا على زوالها ،وساهموا في اشعال نار الفتنة بين ابناء الوطن الواحد ، خسئت اقلامهم وخسرت اوراقهم ، فكانت المصالحة بردا وسلاما على وطن رمى بالثورة الى الشارع فاحتضنها الشعب.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024