تشـــــويـــه عـمـــراني

جمال أوكيلي
10 أكتوير 2018

تتعرّض بعض الأحياء ذات الطّابع الهندسي الموحّد إلى «اعتداء صارخ» من طرف أناس هدّموا ما يعرف لدى الكثير بـ «فيلا كولونيال»، واستبدلوها ببناء شوّه المنظر العام للتّصميم القديم، وأحدث اختلالا في النّسق المتعلّق بالموقع، في تواصله الموحّد عند إلقاء النّظرة الأولى على مرمى البصر.
ويمنع قانون العمران والتّرسانة التّشريعية المعدّة لهذا الغرض، كل تجاوز في العلو، خاصة القاعدة المعمول بها لا تستثني حالات معيّنة، وإنما الشّكل الشامل يجب أن يكون خاضعا لتصوّر واحد أو يتبع ما وجد في تلك المنطقة من بناءات تتماشى مع طبيعة البناء الأصلي.
للأسف لا أحد يحترم هذا المنطق، كل من أقدم على تهديم البناء القديم خالف المبدأ السّالف الذكر، أي عدم القيام بإضافات أخرى لا توجد في المخطّط بل هي من وحي الاجتهاد الشّخصي، ممّا أثّر كثيرا في عملية الرّبط الجمالي بين البنايات من مكان إلى آخر، وغيّب الانسجام الخاص بشخصية أو هوية المدينة.
اليوم هناك إشكال قائم بذاته، ألا وهو ظهور أشغال البناء في أحياء إقامة راقية غير مفهومة بتاتا، توصّل الأمر بالبعض إلى غلق الطّريق العمومي ليوم كامل، الإسمنت المسلّح مبعثر في كل مكان، آلات الرّفع، الأنابيب، القضبان الحديدية، والخلاطات وغيرها تعرقل حركة السير ولا أحد يقول كلمة عمّا يجري أمامه، خاصة مع مرور الأطفال إلى مدارسهم.
هذا الديكور الغريب الذي نقف عليه يوميا في شتى الأحياء التي نمر عليها، ما هو إلاّ ترجمة لذهنية بعيدة عن ذلك السّلوك الحضاري المأمول في مسايرة متطلّبات المدينة ومقتضيات الواقع اليومي لانشغالاتنا.
وممّا زاد في هذه الظّاهرة الخطيرة هو غياب السّلطات المحلية التي لا تجد لها أثرا في كل ما يجري في ردع مثل هذه التّجاوزات، وحتى وإن ادّعى البعض بأن له رخصة أو شيء من هذا القبيل، فإنّ العمل يكون ليلا وليس نهارا، حتى لا يزعج النّاس ولا يرون ما يجري حولهم من تغيير وتحوير وتعديل لأحيائهم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024