العمل المتكامل والخيار الصّعب

جمال أوكيلي
15 أكتوير 2018

بلوغ سقف الأمن الغذائي يسير في الاتجاه السّليم في الجزائر، المؤشّرات المتوفّرة أو التي هي بحوزة السّلطات العمومية وبخاصة وزارة الفلاحة والتّنمية الرّيفية والصّيد البحري توحي بأنّ القطاعات الاستراتيجية من الخضر واللّحوم البيضاء والحمراء، تنتج وتستهلك جزائريا بنسبة  ١٠٠ ٪، فيما تبقى الشُّعب الأخرى الحيوية وذات الأهمية القصوى محل متابعة ميدانية صارمة من قبل الجهات المسؤولة قصد إدراجها في هذه الحركية كالحبوب والبقوليات والحليب والفواكه وغيرها.
هذه القفزة النّوعية والنّقلة الملموسة تترجم الحرص القائم على التوجه إلى الخيارات الأكثر حدّة في السياق الرّاهن، وهذا بإدخال مفهوم الأمن الغذائي في الخطاب بدلا من الاكتفاء الذّاتي المصطلح الذي تجاوزه الزّمن، ولم يعد صالحا أمام التّغيّرات الجذرية التي تشهدها العلاقات الاقتصادية الدولية، ومنها بالأخص التّراجع الرّهيب في التّغذية العالمية ممّا استدعي الحضور القوي لـ «فاو F.A.O» من أجل السّعي لضبط هذا الملف وفق رؤية تحسيسية تجاه الشّعوب.
في اليوم العالمي للتّغذية المصادف لـ ١٦ أكتوبر من كل سنة، تسجّل الجزائر تقدّما معتبرا في إنتاج الخضر والفواكه واللّحوم الحمراء والبيضاء والحليب، وكذلك الحبوب قدّرت قيمتها المالية بـ ٣٠ مليار دولار ما يقارب ٢٥٠٠ مليار دينار، وهذا رقم مذهل جدير بأن يحلّل من طرف المتتبّعين للشّأن الفلاحي كونه قابلا للزّيادة مستقبلا استنادا إلى الخبراء الذين يتوقّعون فعلا بأنّ المعطيات الحالية ستتضاعف في ٢٠١٩ في كل الشُّعب المعنية في حالة ما تمّ اتّباع المسار التّقني المعمول به.
وهذه الكميات الهائلة لا تتوجّه إلى السّوق الداخلية فقط، وإنما هناك عمل معمّق ينجز حاليا على أكثر من مستوى كي يتم التصدير إلى الخارج على أساس قواعد جديدة متكيّفة مع مقتضيات الفضاءات الخارجية التي تفرض شروطا صارمة وأحيانا تعجيزية لكسر هذه الوثبة الاقتصادية في الجزائر.
كما أنّ هناك تفكيرا ثابتا على أن يكون العمل بما يعرف بالزّراعة التّحويلية، أي إقامة مصانع لاستقبال المنتوجات بشتى أنواعها، وهو ما يحدث حاليا مع الطماطم ومواد أخرى الأكثر إنتاجا في الجزائر، خاصة التي تحوّل إلى عصائر أو مربى.
في ملفّنا اليوم يوافينا مراسلونا عبر ولاياتنا بالتطور الكبير الحاصل في قطاع الفلاحة من خلال أخذ عيّنات حيّة تعطينا صورة واقعية عن البوادر العملية القادرة على اقتحام أسوار «الأمن الغذائي» بكل أريحية بعيدا عن أي ضغط يذكر، والوقائع والأرقام شاهدة على ذلك.
هذا يحتم فورا التخلص من التبعية للآخر التي لطالما عانى منها هذا القطاع بالاعتماد على قدراته الذّاتية، واستعمال كفاءاته البشرية ذلك ما يتأكّد يوميا في الميدان دعّمه الفلاحون الذين تفاعلوا واستجابوا إلى كل «الارشادات» التي تقدّم لهم، وستلتحق كل الشُّعب الأخرى بالركب رويدا رويدا، فالأمر ليس سهلا كما يتصوّره البعض خاصة في مجال الحبوب التي ماتزال تكلّف البلد فاتورة باهظة جدا، ويمكن التحكم في عملية إنتاج الحليب لو تكون هناك نظرة أخرى.
والشّعار الذي رفعته منظّمة التّغذية العالمية هو «المجاعة صفر في ٢٠٣٠»، والعمل سويا لتحقيق هذا الهدف البعيد المدى بانتهاج بيداغوجية جديدة في الاتصال والتّواصل مع الآخر، لإقناعه على اتباع أبجديات الاستهلاك بالرّغم من أنّ الإشكال ليس بهذه البساطة بل أعمق من ذلك.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025
العدد 19809

العدد 19809

الأحد 29 جوان 2025
العدد 19808

العدد 19808

السبت 28 جوان 2025