معايير تقييم ذاتية

جمال أوكيلي
16 أكتوير 2018

أخطأ المقرّر الخاص لمجلس حقوق الإنسان حول المهاجرين فليبيا غونزاليس موراليس خطأ فادحا لا يغتفر ضد الجزائر، عندما احتكم إلى معايير تقييم ذاتية بحتة بخصوص الأشخاص المقيمين بصفة غير شرعية في بلادنا إثر عودتهم المنتظمة إلى حدود أوطانهم الأصلية.
فقد اختزل هذا المسؤول المسعى الإنساني الجزائري الجبّار المنجز منذ سنوات الخاص بنقل «الأفارقة» في إطار محترم ومضمون في محاولة تشويه وتقزيم وإلحاق الضرر بكل المؤسسات الخيرة التي مدّت يدها تضامنا مع هؤلاء، وتوفير لهم كل ما يلزم من ضروريات حفظ كرامتهم كلّف السطات العمومية ١٩ مليون أورو.. دون احتساب النفقات الباهظة الأخرى التي تحمّلتها الجزائر دون «صدقة» من أحد.
هذا المجهود الفردي الخارق والفائق في آن واحد تجاهله موراليس تجاهلا كاملا بدلا من اعتماده كمرجعية في التكفل بالمهاجرين مثلما توصي به المجموعة الدولية. وفضل الاستفزاز واتباع خيار مواجهة الآخر عمدا وبعيدا عن الواقع.
الجزائر لا تنتظر أبدا نصائح من أي كان تتعلق بالتضامن مع الآخر في الظروف الصعبة، ولا تحتاج إلى من يتفلسف عليها في هذا العمل الحيوي أو أكثر من هذا يخاطبها بصيغة الأمر في مسألة صاحبة القرار فيها الأول والأخير، أو قل لها علاقة مباشرة بالسيادة.. في مثل هذه الحالات، فإن الموقف الواضح والصريح لا نتصوره إلا أن يكون عازما وحازما تجاه كل من يتجاوز حدوده.
وهكذا جاء بيان وزارة الشؤون الخارجية متساوقا مع ما صدر على لسان موراليس كالرفض القاطع لتصريحاته، وتجاوز حدود مهمته وصدّق إدعاءات الأشخاص الذين تمّ نقلهم إلى الحدود بسبب الإقامة غيرالشرعية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أن هذا الممثل غيّر من طبيعة مهمته ليصبح وسيلة للدعاية تشنّ حملة تضليل ضد الجزائر.
من خلال هذه العناصر الحاسمة والفاصلة يكشف البيان بأن موراليس انحرف عن الخط المتبع في مثل هذه الملفات الشائكة نظير تصرفاته غير المسؤولة وسلوكاته المنافية لحد أدنى من تقدير نشاطات الآخر، وحرصه المتواصل على إيلاء العناية اللازمة لأناس في وضع شدة، كما هو الحال بالنسبة للمهاجرين القادمين من أعماق بلدان الساحل.
لقد اختلط الأمر على هذا الرجل إلى درجة عجزه عن التفريق بين «الفعل الإنساني» و»الغرض السياسي»، هذا ما جعله يقع في هذا المطب، ويخرج القضية عن إطارها الأول، ويسقطها في إطارها الثاني.. وفي هذه الحالة يجد نفسه يروّج لطروحات لا تخدم أبدا المهاجرين بقدر ما تزيد في تعقيد أوضاعهم.. لا يوجد أي بلد في هذه المنطقة تكفل بالمهاجرين مثل الجزائر، وهذا بشهادة دول المنطقة، إذا ماذا يريد موراليس؟.
نقل المهاجرين إلى ديارهم ليس قرار أحادي الجانب اتخذته الجزائر في لحظات معينة، بل هو نتاج عمل منسق مع جميع الدول التي أبدت استعدادها لاستقبال رعاياها استنادا إلى وثائق موقّعة ذات طابع رسمي تشهد على ذلك.. وكل من له علاقة بالملف على علم بذلك وكم من مرة حاولت البعض من الأطراف التشويش على هذا المسار الناجح من خلال إيعاز الأمر إلى جهات تستثمر في هذا المجال خيارها ما يعرف بـ «التوطين» وهذا غير مقبول تماما ومرفوض كلية، لأن هناك تجارب في بعض البلدان أفرزت وضعا خطيرا جدا على الصعيد الأمني خاصة.. يجب أن تتفطن لأولئك الذين يريدون إغراقنا في أوضاع لا يمكن التحكم فيها أبدا إن فلتت منا يديرها أناس خلف الستار في الساحل الإفريقي عبارة عن شبكات متداخلة سرية، هي التي تتاجر بالبشر.
وفي هذا السياق واستنادا إلى مصادر مطلعة فإن الجزائر أنقذت ١٤ ألف مهاجر افريقي وخاصة النساء والأطفال كانو تحت رحمة شبكة إجرامية من النيجر تمتهم التسوّل.. حاولت تأطير نشاطها منذ حوالي ٣ سنوات، إلا أنه تمّ إكتشاف أمرها فورا كما وضعت الجزائر حدّا لجماعات أخرى مختصة في الأعمال المنافية للقانون سمحت بحجز ٣٩ مليار سنتيم في أدرار، تمنراست وإيليزي، كما قدرت مداخيل شبكة تهريب المهاجرين غير الشرعيين في أغاداس باتجاه ليبيا والجزائر بـ ١٤٠ مليون شهريا، ناهيك عن أرقام أخرى مذهلة تتعلق بالجرائم والجنح قد يصاب موراليس وحاشيته بالدوران إن تمّ ذكرها.. لهذا نعتقد بأن هذا المسؤول لا يعيش في عالم آخر كل الوقائع أمامه، أبسط أو أدنى عمل يتطلب منه القيام به هو التنسيق مع البلد المعني ألا وهو الجزائر لتبديد كل ما يتبادر في ذهنه من إدعاءات باطلة، وأقاويل لا أساس لها من الصحة، وبالرغم فإن عليه تقديم التوضيحات العاجلة التي طلبته منه الحكومة الجزائرية لتصحيح كل ما تفوّه به.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024