صداقة لم تبدأ اليوم

أمين بلعمري
05 نوفمبر 2018

لقد كانت  معاهدة الصداقة، التعاون وحسن الجوار بين الجزائر وايطاليا التي وقعها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ونظيره الايطالي قبل 15 عاما تتويجا لسنوات طويلة من التنسيق والتعاون بين البلدين، تعود إلى فترة ما قبل استقلال الجزائر أين لم يتأخر أنريكوماتيي، مدير شركة “ايني” الايطالية في ستينيات القرن الماضي في الاستجابة لطلب الحكومة الجزائرية المؤقتة آنذاك لوضع رصيده وخبرته في مجال البترول في خدمة وفد الحكومة الجزائرية في مفاوضات  ايفيان وبالفعل ساعدت  تلك الخدمة الثمينة التي قدمها ماتيي للجزائر المكافحة على انتزاع سيادتها كاملة على ثرواتها الطبيعية وعلى رأسها النفط إلا أنه - للأسف - لم يكتب لصديق الجزائر المعروف بمناهضته للفكر الكونيالي مقاسمتنا فرحة الاستقلال حيث يعتقد أنه تمت تصفيته في سقوط مريب لطائرته بعد أشهر قليلة على استقلال الجزائر.
الجزائر المستقلة لم تنس صنيع هذا الرجل وسارعت إلى تعزيز علاقاتها مع ايطاليا وكان من ثمرة هذا التعاون مد روما بأنبوب غاز عابر للمتوسط  انطلاقا من الجزائر يحمل اسم “انريكوماتيي” تكريما لهذه الشخصية المناضلة سنة 1977 ومنذ تلك الفترة لم يتوقف التعاون والتنسيق بين البلدين على مختلف الأصعدة، فعلى الصعيد السياسي يزداد الحوار والتشاور بين البلدين اتساعا ومتانة ليشمل مختلف القضايا الإقليمية والدولية ولعل تطابق وجهات النظر بين البلدين بخصوص الأزمة الليبية ودعم ايطاليا للمقاربة الجزائرية القائمة على بعث حوار ليبي - ليبي ورفض التدخل الأجنبي وتشجيع مسار المصالحة في ليبيا يؤكد ذلك كما التوافق لم يقتصر على الملف الليبي ليعداه الى ملفات أخرى كثيرة منها الهجرة غير الشرعية، فالجزائر كما ايطاليا متفقتان تماما على أن الظاهرة هي نتاج اختلالات سوسيو - اجتماعية يجب معالجتها من المصدر، أما بخصوص ظاهرة الإرهاب فالبلدين يتبنيان إستراتيجية مشتركة في مكافحة الظاهرة التي طالما شكلت محور تعاون وتنسيق في التصدي لهذه الآفة  والشعب الجزائري يسجل لايطاليا موقفها المشرف خلال العشرية السوداء عندما كانت الجزائر تواجه هجمة إرهابية شرسة مشفوعة بحصار غير معلن ومحاولات خبيثة لعزلها دوليا وفق مؤامرة ولكن ورغم الضريبة التي دفعها الشعب الجزائري إلا أنه  استطاع إجهاض المؤامرة ودحض الإرهاب.
يبدوأن كل الظروف والعوامل مهيأة لتكون العلاقات الثنائية بين الجزائر وايطاليا أنموذجا للتعاون والتنسيق سيكللان ببناء شراكة استرايجية من أجل السلام والرفاه في المتوسط  تثمر بإيجاد حل سلمي للازمة الليبية وتعزيز التشاور السياسي حول كل القضايا التي تعني البلدين على الأصعدة، الثنائي، الإقليمي والدولي وبالتوازي مع ذلك ترقية التعاون الاقتصادي وتعزيزه أكثر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025