كلمة العدد

السّلام الصّعب

فضيلة دفوس
18 ديسمبر 2018

بعد أن خفت صخب السّلاح في سوريا، وبدأ الهدوء يعود الى درّة الشام التي نراها تطوي آخر فصول أزمتها الدموية وتلملم شتات أبنائها الذين فرّقتهم تداعيات الحرب المريعة، التفت العالم أخيرا إلى أنين أطفال اليمن الذين يعيشون الجحيم الحقيقي بسبب الصّراع الدموي الذي يعصف بأمنهم ويرهن لقمة عيشهم ويمنع عنهم حتى الدواء، فبات من ينجو من الموت تحت القصف والقنص، يلقى حتفه جوعا أومصابا بأوبئة اندثرت من العالم أجمع لكنها عادت لتستوطن دولة اليمن التي تجري على أرضها وقائع حرب يخوضها الأشقاء هناك بإيعاز من جهات خارجية دون مبالاة بانعكاساتها الإنسانية الخطيرة، حيث دفعت 14 مليون يمني الى حافة المجاعة، وقادت عشرات الآلاف الى المقابر، وجعلت حياة غالبية الشعب مرهونة بمساعدات لم تعد للأسف تصل الى مستحقيها .
هكذا إذن، وبعد أن ظلّ النسيان يلفّها لسنوات ولا يلتفت الى مشاهدها الدراماتيكية  أحد، ارتفعت في الأشهر الأخيرة أصوات تدعوالى وقف الحرب التي تحرق اليمن،وتحثّ على انخراط الفرقاء هناك في مفاوضات مباشرة للخروج باتفاق يعيد توحيد الصّفوف وينقذ من باتوا على شفا الموت، وينهي واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
ولأوّل مرّة منذ بداية الكابوس، جاء الردّ سريعا ولم يجد المبعوث الأممي « مارتن غريفيت» صعوبة في اقناع طرفي النزاع، السلطة المعترف بها دوليا من جهة، والحوثيين من جهة ثانية، بحتمية الجلوس الى طاولة الحوار دون شروط مسبقة للبحث عن مخرج المنتصر فيه يكون اليمن لا غير.
 لأجل هذا الهدف التقى الفرقاء تحت مظلة الأمم المتحدة بالعاصمة السويدية ستوكهولم الأسبوع الماضي، ومنذ البداية تم التركيز على إعادة بناء الثقة باعتبارها نقطة الضمان الوحيدة لأي اتفاق مرتقب، وأظهرت جولة إذابة الجليد، أن الشرخ عميق بين الطرفين والمواقف متباعدة جدا، لهذا لم يفاجئنا عدم التزامهما بتطبيق التفاهم الذي تمّ بلوغه بخصوص الحديدة والذي تمّ خرقه قبل أن ينفّذ.
لكن رغم صعوبة المهمة، ويقيننا بأن بلوغ اتفاق ينهي المأساة اليمنية سيأخذ وقتا، فإنّنا نثني على الخطوة التي قطعها الاشقاء في اليمن، إذ لا حلول خارج إطار الحوار والتفاهم مهما كانت الخلافات والتباينات، والمخرج ليس بالصعوبة والتعقيد الذي يتصوّره البعض، إذ يكفي فقط أن تنخرط الأطراف الخارجية التي تحرّك هذا الطرف والآخر وتغذي الصراع بالسلاح وتؤجّجه إعلاميا في مساعي التسوية السياسية، ودون ذلك، فإن مسار الحلّ سيكون طويلا وشاقا، وربّما دون نتيجة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024