لا شك أن الأفلام الكارتونية هي أفضل طريقة لمخاطبة الطفل والوصول إلى عقله و من ثمة تنشئته وفق النموذج الذي نريد، لأنه يقال إن الطفل صفحة بيضاء نملأها بما نشاء أو هو عجينة نفعل بها ما نشاء و نصنع منها الرجل الذي نريد و هذا لما للرسوم المتحركة من تأثير على الإنسان مهما تقدم في السن فالطفل الذي يسكننا لا يشيخ و لا يكبر و تجده يستيقظ في أي لحظة و دون سابق إنذار بمجرد استفزاز ذاكرته بصورة أو بأغنية رسم كارتوني ..إلخ فما بالك أن يتم استفزاز تلك الذاكرة و استنهاضها بحضور الأستاذ طارق العربي طرقان شخصيا، هذا ما وقفت عليه، أمس، لدى استضافته بجريدة “الشعب” بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية و كيف أن الجميع بالجريدة من صحافيين، تقنيين ...إلخ وبمجرد رؤيته أخذوا يردّدون دون أن يشعروا “سيمبا” ، “ماوكلي” و “هزيم الرعد” و غيرها من الشارات التي لاتفارق موسيقاها و لا عباراتها ذاكرتنا لأنها ببساطة طبعت طفولتنا، بل ساهمت و بشكل كبير ليس في غرس حزمة من القيم النبيلة التي كانت تحملها كلمات تلك الشارات و لكن في إثراء رصيدنا اللغوي و سلاسة النطق كذلك لهذا يمكن أن نعتبر الرسوم المتحركة بمثابة المدرسة التي تأتي إلينا.
نعم الأفلام الكارتونية تعتبر من بين كبرى المدارس التي علّمتنا اللغة العربية و الكثير من مفرداتها الجميلة التي أثرت رصيدنا اللغوي صغارا و مازلنا نحتفظ بفضل تلك الرسوم المتحركة وشارات بدايتها ونهايتها بمفردات قد لا يعرف معناها الكثيرون منا، فكم هو عدد الذين يعرفون أن الهزيم هو صوت الرعد مثلا ؟
و كلمات أخرى كثيرة، لهذا ليس هناك أدنى شك أن للأفلام الكارتونية دور كبير في تلقين أي لغة كانت و تزويد الطفل بقاعدة لغوية غنية بالمفردات و المصطلحات تمكنه مستقبلا من التحكم باللغة العربية و التعامل بها بكل سهولة و أتصور أن هيئة مثل المجلس الأعلى للغة العربية عليه التفكير في الاستثمار في الرسوم المتحركة لترقية وتطوير اللغة العربية و تعميم استعمالها على المدى البعيد و ليس هناك أفضل من الطفل لتحقيق استراتيجية كهذه.