كلمة العدد

اجتياز المنعرج!

سعيد بن عياد
22 ديسمبر 2018

خلافا لتوقعات بداية السنة، سجل عام 2018 مكاسب تندرج في إطار مواجهة الأزمة والحرص على تجسيد إرادة تخطي تداعياتها السلبية. عوامل عديدة ساهمت في تحمّل قوة الصدمة واجتياز المنعرج بكافة مخاطره، خاصة المالية منها، بفعل تقلص احتياطي الصرف والتمسك بإنجاز برامج استثمارات ذات طابع اقتصادي واجتماعي مكلفة.
حقيقة عرف سعر النفط تحسنا ببلوغ معدل 65 دولارا للبرميل، قبل أن ينهي السنة بتراجع كبير، تكون له تداعيات مؤثرة بلا شكّ في المدى القريب، مما أدى، بالموازاة مع الإصدار النقدي الموجه لتمويل استثمارات إنتاجية، إلى تعزيز التوازنات المالية. كما أظهر التوظيف العقلاني لورقة الطريق لترشيد النفقات، وتفادي الوقوع في كماشة التقشف القاتل للنمو، مدى القدرة على فتح رواق وسط ضبابية المؤشرات العالمية وهشاشة السوق الداخلية، التي تكيفت بسرعة مع التحوّلات من خلال اعتماد المرونة والصرامة. إنها سنة حماية التوازنات الكلية وتهيئة الأرضية المتينة للإقلاع المرتقب في العام الداخل بعد أن توفرت طيلة هذه الأشهر المضنية الشروط في المستوى الأدنى على الأقل لتنهض المؤسسة الجزائرية وتخوض معركة التموقع.
مؤشرات سلبية برزت فعلا، لكن هناك أخرى إيجابية أيضا يمكن رصدها من خلال متابعة متأنية وقراءة موضوعية للمشهد الاقتصادي بجميع فروعه وقطاعاته. من تلك التي تثير مخاوف وتحمل مخاطر تهدّد النمو في كل لحظة وتعيق إعطاء نفس جديد لعجلة التنمية، عودة هاجس التضخم، تراجع قيمة العملة الوطنية، انكماش احتياطي العملة الصعبة، بقايا البيروقراطية التي تغذي الفساد، تشرذم منظمتي أرباب العمل وغياب إطار شامل يمنحها القوة التفاوضية إقليميا وعالميا، تأخر إنجاز الاندماج المالي رغم إقرار بنك الجزائر بضرورة اعتماده وفقا لخيار الشمولية المالية وبقاء ممارسات أخرى مثل التراخي كلما تحسن سعر النفط والتأثر الشديد كلما انهار.
غير أن العام على شدته، حمل مؤشرات مشجعة يمكن البناء عليها للعبور إلى العام الجديد بنفس العزيمة وأكثر لمواصلة مسار النمو وتنشيط وتيرته. من أبرزها، تأكيد الثقة في المؤسسة الجزائرية وتعميق خيار الشراكة الأجنبية مع الإبقاء على قاعدة 51 / 49، التي سعى البعض لإزالتها تحت عنوان الإفلات من الأزمة، التي تتطلّب الجدية على كافة المستويات لتخطي آثارها، تأمين الأمن المالي بآلية الإصدار النقدي وفقا لشروط صارمة في الحجم والزمن، اعتماد مبدأ الاندماج المالي تحضيرا للعمل بالصيرفة الإسلامية في 2019، الدفع بعمليات التصدير عبر كافة البوابات البرية والبحرية والجوية وإتمام البنية التحتية اللازمة، مواصلة تمويل مشاريع يكون لها ثقل في تعزيز الأداء الاقتصادي، والأكثر أهمية طي كافة أشكال التمييز بين المؤسسات التي استكملت هويتها الجزائرية مثلما كشف عنه معرض الإنتاج الوطني.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024